اسمه كاملاً: محمد بن عبدالرحمن بن مقبل الشامخ، من أهالي عنيزةبالقصيم، ويعد من الرواد الأوائل من الأكاديميين الذين حصلوا على الدكتوراه في الثمانينيات الهجرية من القرن الماضي (الستينيّات الميلادية). ولم تتفق المراجع على تاريخ ميلاده، فبعضها ذكرت أنه ولد في عام 1351ه/1932م، وبعضها ذكرت أنه ولد في عام 1353ه/1933م. ولعلي أميل إلى التاريخ الأخير؛ لأنه ورد في أقدم المراجع التي ترجمت له، وهو «معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية» للدكتور علي جواد الطاهر المطبوع في عام 1405ه/1985م، وعليه فيما يظهر اعتمد الدكتور منصور الحازمي في الترجمة له في «قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية» الصادر في عام 1435ه/2014م. وتاريخ 1353ه هو المثبت في الأوراق الرسمية له إذ حُدّد ميلاده بالأول من رجب 1353ه، وهو ما أفادني به أحد المسؤولين في إحدى الجهات الرسمية. وممن ترجم له الدكتور عبدالرحمن الشبيلي في كتابه «أعلام بلا إعلام» الصادر في عام 1428ه/2007م، وأثبت تاريخ ميلاده في عام 1353ه، وأشار إلى أنه اعتزل الحياة الثقافية قبل سبعة عشر عاما، أي في حدود عام 1407ه. وهو تحديد دقيق إذ إن الدكتور الشامخ رحمه الله تقدم إلى الجامعة بطلب التقاعد المبكّر في أواخر عام 1406ه، وصدر قرار تقاعده في الثاني من المحرّم من عام 1407ه، وبلغت خدمته الوظيفيّة ثلاثين سنة فقط (13771407ه). ومع أنني درست في قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الملك سعود في المدة من (14021406ه)، فإنني لم أحظ للأسف بالتتلمذ على يديه، ولم أره في القسم؛ ويظهر أنه كُلّف بتدريس مقررات لطلاب الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه، وربما كانت الدراسة مسائية، أو أنه حصل على تفرغ علمي، أو انشغل بأعمال إدارية، ولم يتح لدفعتنا أن تتلقى العلم على يديه، وبخاصة في مقرر الأدب السعودي. ومن هنا فقد عاش خمساً وثمانين سنة (13531438ه)، منها أكثر من ثلاثين سنة بعيداً عن الوسط الثقافي وعن جامعته التي عمل بها رحمه الله. ويعدّ الدكتور محمد الشامخ ثاني باحث يكتب رسالته الجامعية عن الأدب السعودي، ولم يسبقه إلا الدكتور محمد بن عثمان الصالح الذي نوقشت رسالته قبله بسنة عام 1386ه/1966م، في حين أن رسالة الدكتور الشامخ نوقشت في عام 1387ه/1967م. غير أن ريادة الدكتور الصالح لم تكتمل إذ لم ينشر رسالته، وعنوانها «الشعر الحديث في نجد»، في حين عمل الدكتور الشامخ على نشر جميع بحوثه التي أعدها خارج المملكة وتناولت الأدب والصحافة في المملكة، فلقيت القبول وأصبحت مراجع مهمة في مجالها، واستفاد منها عدد كبير من الباحثين في مجال الأدب والنقد والإعلام، وبذلك تحققت لريادته وأعماله الأهمية التي تستحقها، وبقي عمل الدكتور الصالح للأسف مجهولاً حتى من المتخصصين في الأدب السعودي. وقد نشرت مجلة كلية الآداب بجامعة الملك سعود في عددها الأول الصادر في عام 1390ه/1970م ملخص رسالتيْ الصالح والشامخ. وحين باشر الدكتور محمد الشامخ عمله في جامعة الملك سعود بعد عودته من بريطانيا حاملاً الدكتوراه، درّس في قسم اللغة العربية وفي قسم الإعلام، وتخرج على يديه عدد كبير من الطلاب النابهين والمبدعين الذين أصبح عدد منهم أساتذة في جامعة الملك سعود، ومن أبرز تلاميذه: د.مرزوق بن تنباك، ود.حمزة المزيني، ود.إبراهيم الشمسان، ود.عبدالله الدايل، والقاص محمد علوان، والكاتب محمد رضا نصر الله وغيرهم. ويبدو أنه كان يدرّس مقرر «البحث الأدبي» لطلاب الدراسات العليا إذ من كتبه المعروفه «إعداد البحث الأدبي». وقد يسّر محبوه بالتعاون مع أسرته الاطلاع على كامل مؤلفاته من خلال «مدونة محمد بن عبدالرحمن الشامخ» بصيغة (PDF)، والمؤلفات الموجودة هي: التعليم في مكة والمدينة آخر العهد العثماني، والنثر الأدبي في المملكة العربية السعودية، ونشأة الصحافة في المملكة العربية السعودية، وكاتب الحي، وإعداد البحث الأدبي، والبحث عن أدب حديث يُصلح الأرض العربية ولا يفسد فيها. وقبل أن يغادر الدكتور الشامخ الجامعة التي ابتعثته واحتضنته أستاذا وباحثاً بها، أهدى مكتبته الثرية إلى الجامعة، ومعظمها يحمل ختماً باسمه وضعته الجامعة؛ حفظاً لحقوقه رحمه الله. ومع أن المدة التي عمل بها معيداً ثم أستاذاً بالجامعة وكاتباً ومؤلفاً لم تزد على ثلاثين سنة (13771407ه)، فإنها كانت حافلة بنشاط إعلامي وكتابي، ويذكر تلميذه محمد رضا نصر الله أنه عمل على استقطابه وجيله من أوائل الأكاديميين، واستطاع إقناعهم بكتابة عدد من المقالات والدراسات، وكان نتاج هذه الكتابة للدكتور الشامخ رحمه الله كتابين، وهما: كاتب الحي (1403ه/1983م)، والبحث عن أدب حديث يُص لح الأرض العربية ولا يفسد فيها (1418ه/1998م). وبالنظر إلى حواشي كتابه «كاتب الحي» نجد أن بعض المواد نشرت قبل أكثر من أربعين عاما، منها مقابلة صحفية معه نشرت في جريدة الرياض في عام 1395ه/1975م. كما أن إذاعة الرياض بجهود الأستاذ محمد بن عثمان المنصور رئيس قسم الأحاديث، ثم مدير عام الإذاعة ووكيل وزارة الثقافة والإعلام سابقاً أسهمت في استقطاب الدكتور محمد الشامخ وجيله؛ للمشاركة في بعض البرامج وتسجيل بعض الأحاديث، ومنها برنامج «حديث السهرة» الذي ذكر لي الأستاذ محمد المنصور أن الدكتور الشامخ شارك بتسجيل أحاديث لهذا البرنامج. وقد كرّمته وزارة الثقافة والإعلام في عام 1430ه/2009م حينما أقرت اللجنة العليا المنظمة لمؤتمر الأدباء السعوديين الثالث تكريم الذين نشروا أعمالاً ودراسات تتناول الأدب في المملكة، ونشرت قبل عام 1406ه/1986م. ومن هنا كُرّم الدكتور الشامخ عن كتابه «النثر الأدبي في المملكة العربية السعودية» الصادرة طبعته الأولى في عام 1395ه/1975م. ونظراً لأنه فرض على نفسه عزلة منذ انتقل من الرياض إلى مسقط رأسه عنيزةبالقصيم، فإنه اعتذر عن الحضور شخصياً لحفل التكريم، وأناب ابن أخته الزميل الدكتور عبدالله بن إبراهيم الجريفاني لاستلام الدرع من يد معالي وزير الثقافة والإعلام. وكانت جريدة الرياض قد نشرت في عام 1429ه/2008م مقالاً بعنوان «كرّموا الشامخ» بقلم محمد باوزير، ومن الجهات التي اقترح أن تكرّمه جامعة الملك سعود. وفي سياق التكريم ذكر الزميل الدكتور حمد بن عبدالعزيز السويلم رئيس مجلس إدارة نادي القصيم الأدبي أن مجلس الإدارة عرض عليه إقامة ندوة تكريمية بحضوره فرفض رحمه الله. والآن وقد مضى الدكتور الشامخ إلى ربه رحمه الله، فإن عدداً من الجهات الثقافية والعلمية مرشّحة لتكريمه بندوة تكشف جهوده في مجال الأدب والنقد والإعلام، إضافة إلى التدريس والتأليف، ومن الجهات التي أتمنى أن تكرّمه: جامعة الملك سعود، والنادي الأدبي بالقصيم، والنادي الأدبي بالرياض، ومركز حمد الجاسر الثقافي، ومركز صالح بن صالح في عنيزة، ولا يمنع أن تقام عنه أكثر من ندوة. وفي إطار عزلته عن الوسط الثقافي، ولزومه مسقط رأسه مدينة عنيزة اتجه إلى بعض الأعمال الخيريّة غير المعلنة، منها بناؤه لمسجد «الروضة» في عنيزة الذي اُفتتح في عام 1433ه، وكُتب على اللوحة: «بُني على نفقة فاعل خير تقبل الله منه». رحم الله الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشامخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وجمعنا به في مستقر رحمته. ** ** د.عبدالله الحيدري - نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الأدب العربي