بمشاعر إيمانيّة تحفّها السكينة وسط أجواء آمنة ومطمئنة وتنظيم بديع، أتم أكثر من مليونين وربع المليون حاج مناسكهم بانسيابيّة ويسر، وتنقلوا ما بين المشاعر دون أي معوّقات، وغادروا الأصعدة الطاهرة بحفاوة لا تختلف عن حفاوة استقبالهم. هذه الأحداث المبهجة والخدمات الراقية ليست جديدة، وإنما تسير بدقّة في كل عام، تمامًا مثل عقارب الساعة التي لا تخطئ المسير. هي نتيجة منطقية لحجم الجهود المبذولة من حكومتنا الرشيدة، ولا ينكر ما تقوم به إلا جاحد للمعروف أو حاقد على الوطن. نجاح موسم الحج هذا العام، مثّل صفعة موجعة لمن حاولوا تسييس المشاعر المقدسة وتدويلها. أخرس الأفواه المغرضة التي كانت تبحث عن أي خطأ غير مقصود لتضخيمه وجعله طامّة كبرى، لكنهم لم يجدوا إلا حسن الضيافة ووفرة الخدمات وجودة التنظيم، فنكّسوا رؤوسهم أذلة خاسئين. المشاعر المقدّسة وفي أيام معدودات جمعت مسلمين من مختلف قارات العالم، إِذ أشارت إحصائيات الهيئة العامة للإحصاء أن عدد حجاج دول مجلس التعاون بلغ 32.600 حاج بنسبة 1.86 في المائة، وحجاج الدول العربية عدا دول مجلس التعاون 383.044 حاجًا بنسبة 21.86 في المائة، وحجاج الدول الآسيوية عدا الدول العربية 1.042.335 حاجًا بنسبة (59.49) في المائة، أما حجاج الدول الإفريقية عدا الدول العربية فقد بلغوا 186.873 حاجًا بنسبة 10.67 في المائة، وبلغ حجاج الدول الأوروبية 84.894 حاجًا بنسبة 4.85 في المائة، بينما حجاج دول أمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا 22.268 حاجًا بنسبة 1.27 في المائة. لغات مختلفة، وثقافات متعددة، وعرقيات متنوعة، توحّدت في أدائها لمناسك الحج دون أيّة عراقيل، ولم يكن ذاك ليحدث لولا قدرات المملكة الفائقة في استقبال هذه الإعداد الضخمة داخل مساحات جغرافية محدودة، وإجادتها في تنفيذ أفضل أساليب السلامة والتفويج، شاملة كافة الخدمات الاجتماعية والصحية والأمنية والغذائية وخدمات النقل والمواصلات. المزايدة على خدمة المملكة لضيوف الرحمن مخجلة ودنيئة، والوقائع في الميدان كانت كفيلة بكشف زيفها وخبث سريرة من يقفون خلفها. الشعوب الإسلامية تعي حجم ما تبذله حكومتنا من جهود لتوفير حجّ آمن وسلس، ولن ينساقوا خلف المحرضين الذين تلوثت أيديهم بدماء الأبرياء، وستظل مملكتنا فخورة باستقبالها ملايين المسلمين سنويًا انطلاقًا من مسؤوليّتها تجاه البقاع المقدّسة، ولن يضيرها الأصوات النشاز التي تسيء لنفسها دون أن تطال شموخ دولتنا العزيزة.