تهب على بغداد رياح عربية شمالية لتلطف حرارة جوها الملتهب على شكل حراك سياسي هادئ ومنتظم يسير حسب خطة طريق مخلصة وواضحة تهدف لإعادة العراق لسكته العربية الصحيحة والتي تاه طريقها لأكثر من عقد ونصف من التخبط الأمني والفساد الإداري والمالي حتى أصبحت بغداد الرشيد أخطر مدينة في العالم وتحولت قلعة الأسود والمجد التليد لمسرح واسع لاقتتال الأشقاء بوحشية غريبة عن الخلق والشيم البغدادية من تهجير الجار وتعذيب الأشقاء بطرق مبتكرة تتركز فيها كل صفات الوحشية الانتقامية والبعيدة كل البعد عن مبادئ الإسلام والسمو العربي الذي تميز به أبناء الرافدين الأصلاء ذوو النخوة والفزعة العربية من كرم اليد واللسان. وأصبحت بغداد أسيرة الطائفية المقيتة مكبلة بالحديد والنار.. وبعد ظلام الليل يبزغ شفق النور ومع التحرك العربي السعودي الذي جاء مع الزيارة التاريخية لوزير الخارجية عادل الجبير لبلد الرشيد تفتحت كل النوافذ المغلقة لأكثر من ربع قرن وتوالت رياح الأخوة العراقية السعودية بضيافة عروس البحر الأحمر للرئيس حيدر العبادي كأول زيارة رسمية للمملكة وتعاقبت وبهدوء أيضاً وصول زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر لجدة واجتماعه بسمو نائب الملك الأمير محمد بن سلمان والتي شكلت الجسر الأول للأخوة والتضامن بين الرياضوبغداد لما للصدر من مكانة سياسية وشعبية كبيرة في الشارع العراقي وقد يكون الشخصية الدينية والسياسية التي تستطيع تحريك التجمعات المليونية من كل القوى الوطنية بشعارات وطنية عراقية عابرة للطائفية وتعاقبت الوفود الرسمية لوزير الداخلية وزميله وزير النفط والتي اتسمت بأهميتها المستقبلية لتنمية العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين الجارين الشقيقين.. في هذه الظروف غير العادية يتم التساؤل عن إمكانية طرح مشروع عربي خليجي موحد، وقد تكون جسور الإخاء الممتدة الآن بين العواصم الخليجية الرياض وأبوظبي والمنامة نحو بغداد السلام بداية جدية وصادقة لعهد جديد متين من العلاقات الصادقة والمبنية على الاحترام والثقة مما يعجل بعودة الشعب العراقي الموحد لبيت العرب والعراق مرتكز الفضاء العربي وعمقه الاستراتيجي ولا يمكن أبداً نسيان تضحيات جيشه الوطني وشعبه الشجاع وريث الحضارات المتعاقبة لأكثر من سبعة آلاف سنة. وقد يكون مشروع الإنقاذ العربي أنجح السيناريوهات السريعة والمؤثرة في قلب الأجندة الطائفية والمعتمدة على المحاصصة، وذلك بظهور جبهة وطنية سياسية جديدة يلتف من حولها ابن الجنوب والوسط والشمال بتنظيم واحد يحتوي لكل أبناء الشعب العراقي من كرده وعربه، وقادة هذه الجبهة من القوى العربية الوطنية. ومع الآمال التفاؤلية في دعم العلاقة العربية الخليجية لشعب العراقي الصابر والذي تحمل الحصة الأكبر من التضحيات الجسام في صد الإرهاب الدولي والانتصار عليه بدماء أبنائه الأبطال وقد تحمل رياح الشمال العربي تباشير الخير والأخوة العربية بزيارة مباركة منتظرة من المستوى الأعلى في القيادة السعودية للأهل في بغداد تعمل لتضميد الجراح وتعمير المبنى والجسر من جديد وتعود البسمة لثغر أبناء بغداد وتبدل جدران عاصمة الرشيد سوادها بحلية عربية مطرزة بالذهب والفضة وهذا ما تستحقه بغداد السلام والإسلام بعد طول حزنها.