طيلة أعوام «طاش ما طاش»، من 1993 وحتى 2011، كنت أتحاور مع الفنان ناصر القصبي، شخصياً أو من خلال مقالاتي، بخصوص الأفكار التي يتم طرحها من خلال تلك الاسكيتشات. وكنت دوماً أتمنى عليه ألا يدخل هذا العمل الجماهيري المميز في دائرة الخطابية، سواءً السياسية أو الفكرية، وأن يركّز على ما نجح وتميز فيه مع عبدالله، ألا وهو طرح القضايا الاجتماعية بأسلوب كوميدي ساخر، إذ إن هذا الطرح هو ما يحتاجه المشاهدون، في تلك الدقائق الرمضانية التي تأتي بعد يوم شاق من الصيام، وأن مثل هذه الخطابية لا تتناسب مع عمل كوميدي خفيف، فمكانها حتماً خارج هذا العمل، لكن ناصراً أصر على الاستمرار في استغلال الجماهيرية التي حققها «طاش ما طاش»، لإيصال رسائل وطنية أو فكرية، كجزء من إحساسه وتوأمه عبدالله، بمسؤوليتهما الاجتماعية. في أجزاء «سيلفي» الثلاثة، التي انفرد ناصر القصبي ببطولتها، لم يتخل أبو راكان عن هذا النهج، ونجح في عدد من الحلقات التي كان يدير ورشة كتابتها فقيدنا الدكتور عبدالرحمن الوابلي، وخاصة تلك التي تتناول التطرف، ولعل أبرزها حلقة «بيضة الشيطان» التي سلّطت الضوء على غسيل الدماغ الذي ينتهجه تنظيم داعش لكي يقتل الابن أباه، مما جعل البعض يتسامحون في نقدهم القاسي للحلقات التي أخرجتْ «سيلفي»، وأخرجتْ قبله «طاش ما طاش»، عن الخط الاجتماعي الكوميدي المفضّل لدى الجمهور. في موسم 2017، شعر الكثيرون بأن «سيلفي» في جزئه الثالث، يواجه نفس المأزق الذي واجه «طاش ما طاش»، قبل إعلان توقفه، فما هي ملامح هذا المأزق؟!