حال قطر في أزمتها التي وضعت نفسها فيها كحال قوم بنوا قريتهم وشيدوا صروحها وبذلوا في ذلك غاية ما يملكون، حتى بدت تزهو بحلة قشيبة، تسر الناظرين، قرية تنعم بالأمن والاستقرار والرخاء.. يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، ثم أتى العدو ينازعهم في ذلك النعيم، يريد أن يسحب من تحتهم بساط النعمة، التي أفاضها الله عليهم، يطمع في سلب الأرض التي تزخر بالخيرات، ويرمي إلى استعبادهم..وتوجيههم إلى حيث رغبته. فوقف في وجهه الرجال، ورموا براحتهم خلف ظهورهم، وتسلحوا بسلاح العزيمة والإرادة القوية، وقدموا دماءهم دون قريتهم، وأرواحهم فداء وتضحية، فخرج عدوهم يجر أذيال الهزيمة، خاسرا هدفه الدنيء، والكثير الكثير من الجنود. فبقيت القرية عامرة بدماء شهدائها.. ثم تعاقبت الأجيال.. فخرج على ترابها جيل لا يكترث لبطولات أجداده.. منسلخ من عروبته.. قدم قريته هدية لعدوها وعدوهم الأول.. تحت ذريعة الخوف من الأعداء! هذا ما تفعله قطر اليوم، تقدم نفسها بكل بساطة هدية للعدو السابق، الذي لا تزال في نفسه رغبة العودة، ولكن هذه المرة بصورة مختلفة، وبأقل التكاليف، بدم بارد تفتح قطر أبوابها المشرعة للتدخل الأجنبي لتشهد عودته إلى الخليج العربي، عبر بوابة الخلاف الخليجي العربي. ولنا أن نقتضب من التاريخ ما يخص قطر وحدها، ففي 25 مارس 1893 وقعت معركة «الوجبة» بين حاكم قطر جاسم آل ثاني ووالي البصرة محمد حافظ باشا في قلعة الوجبة في قطر، وانتهت المعركة بانتصار قوات حاكم قطر وعزل وإلى البصرة. تلك دماء الأجداد التي ذهبت هدرا بعد كل هذه السنوات بعقوق وتساهل وغير مبالاة من الأبناء.. قطر بفعلها هذا تعاقب نفسها بنفسها.. فأظن الوجود الأجنبي على أراضي قطر سيمتد إلى سنوات قادمة تحت ذريعة حمايتها. ماذا تفعل حكومة آل ثاني التي انتهجت نهج التمرد والخروج عن لحمة البيت الخليجي، بدعهما للإرهاب، وقبل ذلك عقوق سافر للأجداد الذين قدموا حياتهم الغالية في سبيل الذود عن وطنهم، فليت شعري: هل في قطر رجل رشيد؟