توقع اقتصاديون حدوث زلزال اقتصادي في قطر نتيجة انعكاسات قطع العلاقات الدبلوماسية الاقتصادية، خصوصاً مع تزايد عدد الدول التي انضمت إلى قائمة الدول التي أعلنت مقاطعتها بقيادة المملكة والإمارات والبحرين، وقال الاقتصاديون ل«الجزيرة» إن ثمة تغيرات كبيرة ومتنوعة ستطرأ على خارطة الاقتصاد القطري جراء المقاطعة الجماعية. وقال الاقتصادي عماد الرشيد: من المتوقع أن يبلغ حجم الخسائر لدولة قطر أكثر من 35 مليار دولار، إضافة إلى ما يعانيه الاقتصاد بعد أن بلغ إجمالي حجم الدين الخارجي لقطر نحو 150 % من الناتج المحلي الإجمالي ل2016م، وإذا ما استمرت الأوضاع الحالية فسيزيد الدين العام ويضعف النمو مما سيزيد الضغط على الموازنة وميزان المعاملات الجارية وسيشكل ذلك عامل ضغط على الاستمرار في الجهد المبذول لاستضافة كأس العالم 2022م. وأضاف الرشيد: إغلاق المنافذ سيكلف الدوحة كثيراً خصوصاً أنها ليس لديها منفذ بري سوى مع السعودية وبالتالي فإن البديل ستكون كلفتة أكبر. وأوضح أن جميع القطاعات في قطر ستبدأ في الانهيار وفي مقدمتها قطاعات السلع الغذائية والتشييد والبناء والطيران. وسيظهر التأثر الواضح في انقطاع المواد والسلع الغذائية والمواشي والخضار وارتفاع أسعارها. وفي ما يخص سوق الأسهم سوف شهد انخفاضاً حاداً لأكثر من 7% في جلسة الاثنين تجاوباً مع أنباء قطع العلاقات وبدء البيع بعد صدور القرار مباشرة، وهذا إن دل فإنما يدل على ترابط الشركات القطرية بالتجارة الدولية خارج قطر وعدم اعتمادها في تجارتها على التجارة المحلية. وعن أثر إغلاق الحدود السعودية، قال: سيتوقف العمل في معبر أبو سمرة وإيقاف دخول ثمان مئة شاحنة يومياً. وأشار الرشيد إلى أن تكلفة المواد الأساسية ستزيد في قطاع الإنشاءات ومن بينها الأسمنت والصلب وقد يؤدي إلى عملية تأخير الواردات وبالتالي ستتأخر نسب إنجاز المشاريع المقامة استعداداً لكأس العالم 2022م ولو تم سحب الجالية المصرية والتي تبلغ 180 ألف مصري يعملون في القطاعات الإنشائية والهندسية والطبية، فهذا سيعيق عمل الكثير من الشركات بسبب فقد الأيدي العاملة. وحول إغلاق المجال الجوي، قال الرشيد: ستخسر الخطوط القطرية 38 رحلة يومياً جراء قطع العلاقات الدبلوماسية مع السعودية والإمارات والبحرين ناهيك عن مصر وبقية الدول وبقية الطيران التجاري، وهذا سينتج عنه انخفاض في عدد المسافرين الترانزيت الذين يستقبلهم مطار الدوحة، كما سينتج عنه عزوفهم عن اختيار الطيران القطري بسبب تغيير مسار الرحلات والتي لن تستطيع الخطوط القطرية استخدام أجواء الدول التي قطعت علاقتها بها ولن تستطيع استخدام أجواء سوريا بسبب أوضاع المنطقة، والذي سيزيد ساعات سفر أي رحلة متجهة للغرب إلى الضعف تقريباً. من جانبه قال المحلل الاقتصادي محمد عبدالرحمن العزيب أن تبعات الموقف ستلقي بظلالها بشكل أكبر على مؤشر سوق الأسهم القطري الذي يُعَدُّ واجهة يعكس اقتصاد البلد، مضيفاً أنه قد تراجع من نحو 9914 إلى 9202 أي أكثر من خمسة نقطة متوقعاً مزيداً من النزول إلى مستويات 8000، كما تبع المؤشر أغلب الشركات القطرية بنزول حاد وكانت صدمة للمتداولين القطريين. وأكد العزيب بأن قطر ستواجه مشكله انخفاض معدل الرحلات (الجوية والبحرية) إلى ما يقارب 50 % على المدى القصير متوقعاً ارتفاع النسبة على المدى المتوسط مما سيكبد خسائر هائلة في الرحلات الجوية في النقل والشحن والسياحة للسعودية والبحرين والإمارت ومصر, مضيفاً أنها ستتكبد تراجعاً كبيراً في الاقتصاد الكلي والجزئي. وأضاف: تتحرك بشكل يومي للحدود القطرية أكثر من 700 شاحنة تشكل صادرات المملكة إلى قطر تقريباً أكثر من 50 % من بين الدول العربية وتأتي الإمارات في المرتبة الثانية. إلى ذلك أكد الدكتور عبدالله باعشن أن انعكاسات قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية على قطر هي خطوة أولية لما ينتج عنه حصار اقتصادي كردة فعل لسياسة قطر غير المسؤولة، مشيراً إلى أن المنفذ البري مع المملكة يشكل نسبة 42 % من التعاملات التجارية والمالية بين قطر ودول الخليج وبالتالي العالمية، إضافة إلى تأثر الاستثمارات المتبادلة وخاصة بين مواطني منظومة مجلس التعاون وفقاً لاتفاقية الاقتصاد, وقال باعشن إن حجم قطر الصغير جغرافياً وسكانياً عامل كبير لتفعيل أثر قطع العلاقات الاقتصادية وبالتالي ستنعكس على مفاصل الاقتصاد القطري، وبالنظر إلى الساعات الأولى من إعلان هذا الإجراء تأثر سوق مال قطر بشكل مباشر والذي تعتمد بنيته بالأساس على مواطني دول المجلس وذلك بالاستثمار به. كما تأثر التصنيف المالي لقطر وذلك بنظر شركات التصنيف العالمية في مدى إنعكاسات هذا الإجراء وخصوصاً إذا تحول إلى حصار اقتصادي على الملاءة المالية لقطر وبالتالي النظر في مدى تأثر قيمة ديون قطر سلبياً والتي تتداول في البورصات العالمية سواء كانت أسهماً أو صكوكاً بنحو 1%, مضيفاً أن إنعكاس قطع العلاقات بدأت ملامحه بالظهور على البنية التحتية لقطر والمتضمنة المجالات الاقتصادية الأخرى كقطاع الطيران وقطاع الأغذية، فهذه القطاعات تبني عوائدها ودراسات الجدوى الاقتصادية والقيمة المضافة لدولة قطر بناء على تشابك المصالح لمنظومة دول المجلس, مؤكداً أن قطاع الطيران تم الإنفاق عليه من قبل قطر بشكل كبير واستثمار عالٍ جداً وأنه مبني على دراسة جدوى اقتصادية كبيرة لقطر، ولكن عندما يتأثر بالمصادر التي تمد هذا الشريان بالحياة، فإن قطر ستفقد مصدراً اقتصادياً أسست عليه دراسات الجدوى والبنية التحتية والاستثمارات الكبيرة بالتالي ستكون خالية لا يستفاد منها, مشيراً إلى أن قطر من الجانب الغذائي فإنها تستورد معظم المواد الغذائية عبر منفذ السعودية وبالتالي عند إغلاقه سترتفع أسعار السلع ثم يبدأ التضخم بالارتفاع وسينعكس هذا على المواطن القطري والمقيم فيها وعلى مستوى المعيشة. ورأى الاقتصادي نواف آل الشيخ إغلاق المنافذ ووقف التعاملات التجارية وحظر الطيران سينتج عنه متغيرات اقتصادية كبيرة جداً لاقتصاد قطر من أهمها ارتفاع أسعار السلع بشكل عام نظراً لوجود حظر الاستيراد والتصدير، وانخفاض قيمة العملة القطرية نتيجة لوقف البنوك المركزية التعامل بالريال القطري، وبالتالي ستحدث أزمة اقتصادية وتضخم وتباطؤ اقتصادي. وأضاف آل الشيخ: هذا الواقع سيفرض على الخطوط القطرية تغيير مساراتها إلى مسارات أخرى بعيدة، خصوصاً رحلات الترانزيت، حيث أشارت وكالة الأنباء بلومبيرغ أن الخاسر الأكبر من مقاطعة 4 دول لقطر هي خطوط الطيران حيث ستفقد 76 رحلة يومية وستبلغ الخسائر ما يزيد عن 30 % من الإيراد، مؤكداً أنه نتيجة لهذه المقاطعة ستكون هناك خسائر حادة لاقتصاد قطر، حيث يبلغ التبادل التجاري بين قطر ودول الخليج أكثر من 10 مليارات دولار. وتشكل ما نسبته 69 % من تجارة قطر مع الخليج تأتي من السعودية والإمارات، و82 % من صادرات قطر للخليج تذهب للسعودية والإمارات، و80 % من صادرات قطر للدول العربية موجهة إلى الخليج. وبين آل الشيخ أن التجارة البرية ستشل بالكامل لاقتصار الحدود البرية على السعودية. مبيناً أن السعودية ستعمل على الاستثمار في إنتاج الغاز والغاز الطبيعي المسال، والتوسع في هذه المشاريع، مما سيؤثر سلباً على استثمارات قطر في مجال الغاز، حيث يُعَدُّ المورد الأساسي لاقتصاد قطر. من جانبه قال الدكتور سليمان القريني إن قرار قطع العلاقات مع قطر جاء لحفظ الأمن الوطني للمملكة، وهذا حق سيادي لها يكفله القانون الدولي. واقتصادياً القرار سيكون له عواقب وخيمة على المستهلك القطري لأسباب عدة: أولاً: يمثل المعبر البري لقطر مع المملكة حلقة وصل أساسية لوصول الواردات القطرية، حيث وصل التبادل التجاري في 2015 قرابة 8 مليارات ريال ويشمل المواد الغذائية والمنتجات البترولية ومواد البناء وغيرها. وبناء على ذلك، سيعمل النظام القطري على توفير تلك الواردات عن طريق بدائل تجارية ستكون حتماً مرتفعة بسبب طول مدة الاستيراد وارتفاع التكاليف على المستهلكين. وثانياً: الخطوط القطرية تمثل ركيزة اقتصاية للنظام القطري والتي ستعاني نظراً لطول المسافات التي ستقطعها بعيداً عن أجواء المملكة والذي بدوره سينعكس على ارتفاع أسعار التذاكر. ثالثاً: حلم قطر باستضافة كأس العالم قد يتبخر في حال استمر النظام القطري بممارسته الرعناء تجاه دول الخليج واستمر الحصار الاقتصادي فترة أطول، لأن معظم مواد البناء والإنشاءات تستوردها الدولة الصغيرة من دول الجوار وتمر عبر المملكة. مما يعني أن الدولة ستكون في موقف محرج جداً بسبب ضيق الوقت. وبين الدكتور الثويني أن هذا الوضع الاقتصادي سيعمل على ظهور تضخم ناشىء وسريع في السوق القطرية، لأن المستهلك القطري سيعاني من عدم توفر المنتجات والخدمات بسهولة. علاوة على ذلك، ستعاني المنتجات من ضعف الرقابة وعدم التحكم في الأسعار وستفقد الدولة السيطرة على التحكم في السوق.