بحضور معالي الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة أطلقت وزارة الصحة أمس الأحد أولى مبادرتها الصحية للتحول الوطني 2020 وذلك تحت مسمى «نموذج الرعاية الصحية»، ضمن سلسلة من المبادرات تتجاوز 40 مبادرة سيتم الإعلان عنها لاحقاً. وقال معالي د. الربيعة في كلمته التي ألقاها خلال حفل أقيم بهذه المناسبة في جامعة الأميرة نورة ، أن البدء بأي عمل لتطوير الخدمات الصحية يتطلب تقييم الواقع بكل موضوعية، ملمحا للحوادث المروية التي ينتج عنها حوالي (8.000) وفاة وعشرات الآلاف من الإصابات ناهيك عن الإصابات المزمنة، إضافة إلى ارتفاع معدلات السمنة وانخفاض نسبة الممارسين للرياضة وانتشار آفة التدخين خصوصاً بين الشباب، مضيفاً معاليه أن تلك وبلا شك معطيات سترفع حتماً ما يتم تخصيصه للرعاية الصحية عاماً بعد عام وقد تصل في عام 2030 إلى (250) مليار ريال. ولفت د. الربيعة أن الحاجة دعت لاستحداث نظام صحي يستوعب تماماً احتياجاتنا الصحية الحالية والمستقبلية، وأننا نحتاج لنظام جديد مبني على أسس غير تقليدية حتى في طريقة تمويله وإدارته وتقييمه وتطويره، ولذلك فمن أهم مكونات التحول الصحي مأسسة هذا النظام وأيضاً إعادة صياغة طريقة تمويله لتكون مستقلة ومرنة بحيث لا تعتمد على نظام الميزانيات بل على معايير الدفع مقابل الخدمة وذلك سعياً لرفع فاعلية ما يبذل بها من مال وجهد. مشيراً إلى أن بناء هذا النظام لا بُدَّ أن يكون حسب المعطيات الحالية، مستشرفاً المعطيات المستقبلية لنصل - بمشيئة الله - لنموذج صحي يلبي احتياجاتنا على مر الأعوام لنا ولأبنائنا ويحافظ على صحة وسلامة الجميع. وقال معاليه في كلمته إن النمو السكاني في بلدنا في ازدياد وهو من الأعلى على مستوى العالم ومعه تزداد الحاجة لرفع استيعاب الخدمات الصحية لهذا النمو وإذا أضفنا لهذا العامل العوامل التي ذكرناها حوادث السيارات ومعدلات السمنة وانخفاض نسبة الممارسين للرياضة فإنَّ هذا الأمر يجعل التحدي مضاعفا. وأكَّد الربيعة أنه -بفضل الله- حققت الصحة خلال الفترة السابقة الكثير من الإنجازات في قطاعاتها وخدماتها، فعلى مستوى الرعاية الصحية الأولية، وهي مكون مهم جدًا في نظامنا الصحي تم افتتاح أكثر من (80) مركز رعاية صحية أولية في مختلف أنحاء المملكة منذ شعبان العام الماضي ليصبح لدينا أكثر من (2،390) مركز صحي قدمت خدمات الرعاية الأولية ، التحصينات، الأمراض المزمنة ، رعاية الأمومة والطفل السليم لأكثر من (52) مليون مراجع، وتم كذلك خلال العام الماضي تطعيم أكثر من (2) مليونين شخص ضد الانفلونزا، كما زاد عدد المراكز الصحية والتي تعمل لمدة (16) ساعة بنسبة (100 في المئة) وأصبح لدينا (152) مركز صحي يعمل بالنظام الممتد وجنباً إلى جنب هنالك (498) مركز صحي يعمل بنظام الاستدعاء، كما زاد عدد المراكز الصحية التي تقدم الرعاية العاجلة بنسبة (50 في المئة) لتصبح (107) مراكز. وأبان معاليه أنه تضاعفت أيضاً أعداد عيادات الإرشاد لتقديم الرعاية النفسية الأولية ليصبح لدينا (55) عيادة موزعة في مختلف مناطق المملكة، كما تم إضافة العيادات الاستشارية في (82) مركزا صحيا في مختلف مناطق المملكة، وكذلك زاد عدد عيادات مكافحة التدخين بنسبة (160 في المئة) وبلغ عددها الآن (160) عيادة، كما حصل (55) مركزا على شهادة الاعتماد لمعايير الجودة الطبية من مجلس اعتماد المنشآت الصحية سباهي. وأوضح معاليه أنه بمشاركة (9300) من الطواقم الطبية والصحية بالمراكز الصحية شهد هذا العام انطلاق مشروع المسح الصحي السكاني والذي يستهدف حوالي (50) ألف أسرة (250) ألف نسمة في مختلف مناطق المملكة ويهدف لتكوين قاعدة معلومات دقيقة عن الوضع الصحي بالمملكة. وعلى صعيد برامج الصحة العامة، أشار معالي د. الربيعة أن الصحة واصلت تنفيذ الكثير من البرامج والأنشطة مثل الحملات الصحية التثقيفية وحملات تعزيز الصحة، حيث شهدت تفاعلا أكثر من (3) ملايين مستهدف وغطت العديد من الموضوعات الصحية المهمة مثل حملات السكري وحملة الكشف عن سرطان الثدي - سرطان القولون - سرطان الثدي - السكري - الملاريا - الإنفلونزا - الكلى - الدرن - القلب - التهاب المفاصل - هشاشة العظام - المضادات الحيوية - الإيدز وغيرها، كما بذلت الوزارة جهوداً كبيرة ومميزة لتطوير آلية العمل لمركز (937) حيث تم تقديم أكثر من (100) ألف استشارة صحية، بالإضافة إلى أكثر من (15) ألف استشارة صحية عبر منصات التواصل الاجتماعي. وقال معاليه انه في مجال الخدمات العلاجية فلدينا - بفضل الله - أكثر من (279) مستشفى تضم أكثر من (42) ألف سرير حيث تستقبل عياداتها الخارجية أكثر من (16 ) مليون مراجع سنوياً، فيما تستقبل أقسام الطوارئ أكثر من (18) مليون من حالات الطوارئ المرضية و(21) مليون من حالات طوارئ الإصابات، كما أجريت في مستشفيات الصحة أكثر من (500) ألف عملية جراحية وأكثر من (240) ألف حالة ولادة، ويضاف إلى ذلك ما تم تحقيقه من إنجازات في برنامج الفحص المبكر لحديثي الولادة إِذْ إنه خلال الأربع سنوات الأخيرة تم الكشف على 720 ألف حالة تبيّن من خلالها 622 حالة تحتاج تدخلا علاجيا، كما تم ارتفاع نسبة فحص السمع بنسبة 89 في المئة ونسبة فحص القلب للمواليد بنسبة 90 في المئة.. لافتاً معاليه أنه ليست هذه هي الإنجازات لوحدها فحسب بل كان هناك إنجازات أخرى - بفضل الله - ركزت على رفع كفاءة التشغيل وتطوير الأداء الإداري وبيئة العمل بالإضافة لتطوير وتأهيل الكوادر بمختلف تخصصاتها وفئاتها وأن العمل مستمر ومتواصل - بإذن الله - لمواكبة الاحتياج المتزايد لخدمات الرعاية الصحية كماً وكيفاً. ونوه معاليه قائلاً: انه بطبيعة الحال فإنَّ الكثير منكم يتساءل عن التأمين الصحي ! وهل سيطبق؟ ومتى ؟ والجواب - بإذن الله - سيطبق، لكن التأمين الصحي حتى يكون موجود بشكل مفيد ومؤثر في صحة المواطن فإنه يحتاج إلى نظام صحي مؤسس بشكل جيد، بخدماته وبمقدمي هذه الخدمات وأنظمته الإدارية والمالية وطريقة تمويله وترابط مكوناته، كل هذا لا بُدَّ أن يكون جاهزا ومناسبا قبل أن نبدأ في التأمين الصحي. مبيناً معاليه أن كثيراً من الدول طبقت وتطبق التأمين الصحي بدون توفر هذه البنى الأساسية وفشلت ومازالت أنظمتها الصحية تفشل في إيجاد نظام صحي جيد. والسبب أنها تجاهلت خطوات أساسية مهمة لتأمين صحي له أثر على المستفيد، ولا يمكننا بأي حال أن نبدأ من حيث بدأ الآخرون بل يجب علينا أن نبدأ من حيث انتهوا ونستفيد من تجاربهم وخبراتهم في هذا الشأن، لذلك فإنَّ البداية لا بُدَّ أن تكون بتحسين ورفع جودة الخدمات الصحية الموجودة وأيضاً إضافة خدمات جديدة لنظامنا الصحي، وقبل البدء برفع مستوى الخدمات الصحية كان لا بُدَّ من إعادة صياغة النظام الصحي ليكون متناسب بكامل مكوناته مع حجم الاحتياج الحالي والمستقبلي. وقال معاليه اننا نجتمع اليوم لنتشارك سوياً في إطلاق مكون مهم من مكونات خطة الوزارة لمستقبل صحي واعد في المملكة ، موضحاً أن كل نظام صحي يقوم على آليات عملية لتقديم الرعاية الصحية وآليات ووسائل وخصائص توضح كيفية استفادة الفرد والمجتمع من الخدمات الصحية وأن هذه الآليات تبنى على أساس نموذج رعاية فعال. وقال معالي د. الربيعة اننا نشارككم اليوم أيها الأخوة والأخوات النموذج الجديد للرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية، مشيراً الى أن هذا النموذج صمم بمشاركة كل أصحاب الشأن من جميع مناطق ومدن المملكة، كما صمم ليكون في قلب التغيير الذي نطمح له لنا ولأبنائنا. وأضاف أن هذا النموذج سعينا ليكون - بإذن الله - محور اهتماماته وآليات عمله الإِنسان، يستفيد من الخبرات ويوظف الطاقات ويستخدم الموارد ويوجهها بحكمة وفعالية ويواجه التحديات ويستشرف المستقبل ويحافظ على صحة السليم قبل أن يعتني بمرض السقيم وذلك بما يقدمه من دعم ورعاية وسيمكّن الأصحاء الحفاظ على صحتهم والمرضى العلاج من مرضهم. ولفت د. الربيعة أن هذا النموذج سيعيد هيكلة الرعاية الصحية الأولية ويدعمها بأدوات ومبادرات تجعلها فعالة وقريبة من المواطن وفي هذا النموذج أيضاً ستكون التقنية فيه مكون أساسي ليكون نموذجا معاصرا يحقق الاستفادة القصوى من التقنية وتطورات العصر الحديث. واختتم معاليه كلمته ، موضحاً أن هذا النموذج سيمكّن الأفراد والمجتمع من المساهمة في الحفاظ على الصحة والطريقة الصحيحة للتعامل مع المرض ثم في الحصول على الخدمة الصحية والاستفادة منها، وأن هذا النموذج بحلوله وآلياته سينقل الخدمة من المستشفيات للمنازل وسيركز على النتائج والأثر عوضاً عن الأنشطة والإدارة ومبدؤه الأهم «الوقاية قبل العلاج»، ولذلك سيكون من خلال النموذج تركيز خاص على برامج الصحة العامة وأنشطة تعزيز الصحة والتثقيف الصحي بكل أدواته ووسائله المؤثرة والمعاصرة. عقب ذلك ألقيت عدد من الكلمات حيث تحدث د. محمد الصَّغير عن نموذج الرعاية الصحية ومكوناته، كما تحدث د. خالد الشيباني عن برنامج التحول الصحي، وتحدث د. هشام الخشان عن إصلاح وإعادة هيكلة خدمات الرعاية الصحية، وتحدث د. عبد الله عسيري عن المركز الوطني للوقاية من الأمراض وكذلك تحدث د. عبد الإله هوساوي عن المركز السعودي لسلامة المرضى، وتحدث د. راشد القعوان عن التحول المؤسسي لمرافق الصحة، وأيضاً تحدث د. يوسف باسودان عن الشراكة بين القطاع العام والخاص وتحدث أيضاً أحمد عفيفي عن زيادة أعداد الممارسين الصحيين وتحسين تدريبهم.