المختصون في إدارة الأعمال، وتحديداً الدارسون منهم لعلم التسويق، يفهمون ما يسمى بدورة حياة المنتج. حيث تمر تلك الدورة بمراحل عدة تبدأ بتقديم المنتج، وبعد ذلك تطوره ونموه، ومن ثم بلوغه مرحلة النضج، وأخيراً انحداره وتدهوره وربما خروجه من السوق، ما لم تتبن الجهة مالكة ذلك المنتج بعض الوسائل والطرائق لبعث الروح في حياته والدفع به مرة أخرى. تذكرت هذا الأمر وأنا أتأمل في بعض القرارات الحكومية، التي تصدر من بين وقت وآخر، وبالذات حينما يتغير المسؤول المعني بذلك الجهاز الذي ترتبط به تلك القرارات. ولكن الفرق هنا أن بعض القرارات الحكومية تمر بدورة حياة مختلفة تتمثل في التعديل والتغيير، وفي بعض الحالات، الالغاء والإيقاف دون أن يلمس المواطن المتعامل مع ذلك الجهاز أثراً إيجابياً لتلك القرارات، أو يدرك سبب ذلك الإلغاء. وهنا سأستشهد بمثالين من باب الاستشهاد، وليس من باب التقويم والنقد حيث الأمثلة كثيرة. أولهما ما مر به برنامج نطاقات، التابع لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية من مراحل أو دورة حياة، تجعلك تتعجب من كيفية اتخاذ القرار في بعض أجهزتنا الحكومية. بدأ البرنامج «نطاقات» فقط في عهد الوزير الأسبق، ثم اصبح «موزونا» في عهد الوزير السابق، وأخيراً أصبح «موقوفاً» في عهد الوزير الحالي، وأخشى أن يأتي وزير آخر ويبعثه من مرقده مرة أخرى ليصبح «مبعوثاً» لنجد أمامنا «نطاقات المبعوث». المثال الآخر يرتبط بموضوع التأمين الطبي، والذي تبناه أحد وزراء الصحة السابقين، وبذل فيه الكثير من الجهد والوقت، وأعدت في سبيله العديد من الدراسات، وأنفقت الكثير من الأموال، ليوقفه وزير لاحق، ثم عدنا نسمع عنه مرة أخرى في الأيام الأخيرة، حيث إنه ما زال يمر بدورة قد تسمى دورة اتخاذ القرار في الجهاز الحكومي. الأمثلة كثيرة، مما يجعلنا أمام ما قد يصل إلى مرحلة الظاهرة، والتي تزداد مع تغير المسؤولين الحكوميين، مما يعني أهمية الاهتمام بها ودراستها من قبل المختصين في مجال الادارة العامة. فإما أن يلفتوا النظر أكثر لهذه القضية ويعملوا على إيقافها وتصحيحها إذا ثبت خطؤها، أو يثبتوا صحتها، وبالتالي تسجل لنا وتضاف إلى خصوصياتنا المتعددة.