تغفو لدقائق فتتكدس الشخصيات في غرفتك وفي فراشك الذي لم تنهض منه أيضًا. هكذا مثلما تنهض روح توم في تلك الحلقة التي يختبر فيها الجحيم والجنة للمرة الأولى، ويظل جسده الأزرق مستلقيًا على البلاط الملون البارد. بداية تظنه فارغًا، وأنه لا يزال يحتفظ بشكل قوامك تحت أغطية الشتاء الثقيلة؛ فيبدو فارعًا مثيرًا للفزع، مثل وحش الطفولة الذي كان أقرباؤك يثيرون هلعك بالحديث عنه؛ فتراه في أحلامك في كل ليلة تقضيها في منزل الرعب بغرفه الكثيرة ورائحته النفاذة! تعيد حياكة الليل، تنقض خيوطه الأولى، وتعيد نسجه بخيط أكثر إشراقًا من سابقه، محاولًا تفادي الكوابيس الثقيلة، التي تنقض عليك مثل كرة البولينغ، وتبعثر أطرافك المخدّرة، هيئة جديدة للصلب، لكنك لا تملك فرارًا. تكتفي بتعداد الكلمات التي تعلمتها النهار الفائت؛ لتكون لك ملاذًا مؤقتًا يصرف انتباه الأشكال الغريبة التي تحاول التهامك. تبدأ الآن بنفخ طوفك المطاطي، مستنزفًا رئتيك، محاولًا الفرار بلا جدوى. تنفخه من طرف، فيتسرب الهواء الملوث برائحة دخانك من الطرف الآخر، فترميه جانبًا مستعيضًا عنه بسترة النجاة البرتقالية المطاطية هي الأخرى. لست تدري لم تفعل ذلك حقًا، لكنك مدرك أنك لا تريد الموت غرقًا ولا مقتولًا برصاصة طائشة في حفل زفاف، ولا منزلقًا من غصن عالٍ وأنت تحاول إنقاذ قطة الجيران (رغم أنك تخاف المرتفعات وتكره القطط)، ولا غاصًا بحسكة سمكة (لم تتناوله منذ ثماني سنوات)، ولا مجروحًا بشوكة فينزف إصبعك الصغير على الثلج لأربعة أيام متتالية (مثل نينا في أثر دمك على الثلج)، ولا بجرعة زائدة من القهوة. تجهز قائمتك لأكثر طرق الموت إثارة لخوفك، وتتذكر طرق القتل السبعة التي نفذها ببراعة مدهشة ذاك القاتل في فيلم «سبعة» لترى إن كانت قائمتك ستكفي لإضافة بعض منها، وتستثني ما لم يعد دارجًا هذه الأيام، ثم تضعها على طاولة الزينة قرب المرآة المتصدعة؛ لتمنح قاتلك المفترض فرصة للتفكير «بطريقة ملائمة للقتل»، تمامًا مثلما يجهز الأطفال لوائح رغباتهم ليحققها لهم «بابا نويل» النبيل. تنجز ذلك كله، ثم تعود إلى فراشك المزدحم بوحوش الكوابيس وقهقهات أبناء العم وتهويدات الأمهات الناعسات وأبطال المسلسلات الكارتونية الخارقين، وصراخ الجدات الغاضبات. تزيح كل ذلك جانبًا، تنام مطمئنًا بعد أن تأكدت من إعدادك كل شيء يحتاج إليه الغريب لإنقاذك بطريقته الأكثر ابتكارًا. تبًا لسترات النجاة!