يجلس ممثلون عن الفصائل المعارضة و قوات الأسد غداً الاثنين حول طاولة واحدة في عاصمة كازاخستان لإجراء مباحثات هي الأولى بين الطرفين منذ بدء النزاع الدامي قبل حوالي ست سنوات. وتختلف هذه المباحثات عن سابقاتها إذ تجري للمرة الأولى برعاية تركيا، الداعمة للمعارضة، وإيران وروسيا، أبرز حلفاء دمشق. وتبدو مباحثات استانا عسكرية أكثر منها سياسية إذ تهدف أساسا إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في البلاد بحضور وفد سياسي يمثل الحكومة السورية وآخر يمثل المعارضة المسلحة فيما يقتصر دور المعارضة السياسية على تقديم الاستشارة. ويبدو التباين حيال رؤية الطرفين لمضمون المحادثات واضحا، إذ أعلن بشار الأسد الخميس أنها ستركز على وقف إطلاق النار من أجل «السماح لتلك المجموعات بالانضمام إلى المصالحات في سوريا، ما يعني تخليها عن أسلحتها والحصول على عفو من الحكومة». أما الفصائل فتؤكد أن النقاش سيقتصر حصرا على تثبيت وقف إطلاق النار. وأعرب مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا، الذي سيرأس وفد الأممالمتحدة إلى استانا، عن أمله في أن تشكل المباحثات أساسا لحل سياسي يُستأنف بحثه في مفاوضات جنيف التي يأمل عقدها في الثامن من شباط / فبراير. وترسل دمشق إلى استانا وفداً سياسيا برئاسة مندوبها لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري. وتشارك الفصائل عبر وفد عسكري يرأسه محمد علوش، القيادي في جيش الإسلام، وهو فصيل نافذ قرب دمشق. ويعاونه فريق تقني يضم مستشارين سياسيين وقانونيين من الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة في المعارضة السورية. أما حركة أحرار الشام ، الأكثر نفوذاً بين الفصائل المعارضة والمدعومة من تركيا، فأعلنت عدم مشاركتها لأسباب عدة بينها «عدم تحقق وقف إطلاق النار» واستمرار القصف الروسي. إلا أنها أكدت في الوقت ذاته دعمها للفصائل التي ستحضر إن توصلت إلى «نتائج طيبة». وقال مصدر دبلوماسي أوروبي «هناك قلق حقيقي لدى المعارضة، من أن ينجر ممثلو الفصائل المعارضة غير المعتادين على هذا النوع من المفاوضات الدولية إلى حل سياسي لصالح النظام». ويلقي مؤتمر استانا الضوء أكثر على التقارب بين روسيا وأنقرة بعد سنوات من الاختلاف حول الأزمة السورية وأزمة دبلوماسية ناتجة عن إسقاط تركيا لطائرة حربية روسية في سوريا. وإثر تقارب على الصعيد الدبلوماسي تُوج في رعايتهما إلى اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ نهاية كانون الأول / ديسمبر، انتقلت موسكو وأنقرة إلى تنسيق عسكري مباشر في سوريا في توجيه ضربات جوية مشتركة.