في نهاية الأسبوع الماضي وبشكل مفاجئ، أعلنت شركة السوق المالية (تداول) عن بدء تطبيق التصنيف الجديد لقطاعات السوق المالية اعتبارا من يوم أمس الأحد 8 يناير 2017م، حيث تكمن المفاجأة في أنهم لم يتركوا أي مهلة زمنية بين الإعلان عن بدء التطبيق وبين التطبيق نفسه، وهو تصرف غريب لم يسبق حدوثه إلا في عام 2006م عندما تم تعديل نسب التذبذب اليومية المسموح بها من 10 في المئة إلى 5 في المئة!!! والأغرب من ذلك هو إصرارهم على أن يبدأ التطبيق اعتبارا من الأحد 8 يناير بدلاً من الأحد 1 يناير ويبدو أنهم لا يدركون أن هناك فرقاً كبيراً جداً بين هذين التاريخين، من المنظور التحليلي على أقل تقدير !!! على أي حال، لا شك أن التصنيف الجديد سيكون متماشياً مع المعيار العالمي لتصنيف القطاعات في 124 سوقا مالية حول العالم تشكل في غالبيتها الساحقة الأسواق المالية المتقدمة في الولاياتالمتحدة وأوروبا وهذا رائع، لكن هل نحن بحاجة إلى إعادة هيكلة القطاعات وفق أعلى المعايير العالمية المطبقة في «أسواق متقدمة»، بينما سوقنا لا يزال تصنيفها «سوقاً مبتدئة» لم تتمكن حتى الآن من رفع تصنيفها إلى «سوقاً ناشئة»؟ وما هي الفائدة الحقيقية التي ستلمسها الشركات المدرجة والوسطاء والمستثمرون من تصنيف القطاعات؟ والأهم كيف نجحت أسواق في دول خليجية شقيقة في رفع تصنيفها من أسواق مبتدئة إلى أسواق ناشئة دون الحاجة إلى إعادة هيكلة قطاعاتها وفق المعايير العالمية للأسواق المتقدمة حتى هذه اللحظة؟ عندما ندقق في التصنيف الجديد للقطاعات وإعادة تصنيف الشركات المدرجة داخل كل قطاع، سنجد أننا فقدنا ميزة الانسجام التي كانت تميز قطاعات رئيسية مثل قطاع البتروكيماويات أو قطاع الإسمنت عند القيام مثلاً بمقارنة الأداء أو التحليل المالي فيما بينها، وسنجد أيضاً أن هناك مجموعة كبيرة من المتناقضات في إعادة تصنيف الشركات داخل القطاعات يصعب حصرها هنا وإن كان ظاهر التصنيف أنه تم وفقاً للأنشطة الرئيسية ومصادر الإيرادات لكل شركة !! وأبرز هذه المتناقضات في رأيي أنه من واقع الإعلان الرسمي على موقع تداول فإنَّ رموز الشركات (وهي ما يهم الوسطاء والمستثمرين بالدرجة الأولى) ستبقى كما هي دون إعادة تصنيف، حيث إن كتابة هذا المقال تمت قبل موعد التطبيق الفعلي، وهذا سيسبب ارتباكا وربما أخطاء عند تنفيذ أوامر شراء وبيع الأسهم لفترة من الزمن وحتماً لا يتماشى مع المعايير العالمية. الغريب أن شركة السوق المالية (تداول) لم تستطلع آراء العموم حول هذا التغيير الجوهري كما عودتنا على ذلك في الأعوام الأخيرة كما لو أنها ستتوقف مستقبلاً عن هذا التوجه، والأغرب أنه خلال أقل من 10 أعوام فإنَّ السوق المالية السعودية قد شهدت ثلاثة تصنيفات مختلفة للقطاعات مع تصنيفات مختلفة للشركات المدرجة داخل كل قطاع، وهو أمر لم يحدث من قبل في أي سوق مالية حول العالم، وفي كل مرة يتم إعادة تصنيف القطاعات والشركات المدرجة فيها نسمع تبريرات من مسؤولي شركة السوق المالية عن مسببات ذلك، وأن الهدف دائماً هو التطوير ولا شيء غير التطوير، حتى أصبحنا الآن لا ندري حقيقة إذا كان هذا التطوير الجديد سيكون هو الأخير أم لا؟