تحتفل اليوم العديد من المؤسسات الثقافية والفكرية، والأكاديمية، ب«اليوم العالمي للغة العربية» داخل المملكة وفي مقدمته «مركز الملك عبد الله الدولي لخدمة اللغة العربية» واحتفالات يقدمها المركز عبر شراكاته داخل المملكة وخارجها، إذ يأتي الاحتفال بهذا اليوم العالمي للغتنا العربية، بعد أن أصبحت اللغة العربية ضمن ست لغات معتمدة لدى منظمة «اليونسكو» التي يأتي إلى جانبها: الروسية، الإنجليزية، الروسية، الإسبانية، والصينية؛ لكون العربية أكثر لغات المجموعة السامية من حيث المتحدثينَ، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم، إذ يتحدث بها أكثر من 422 مليون نسمة، ويتوزع متحدثوها في مناطق الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة، كالأحواز، وفي العديد من دول إفريقيا التي يأتي من بينها: تشاد، السنغال، مالي، إرتيريا. وفي العديد من المناسبات الدولية وصفت (إيرينا بوكوفا) المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» الجهود التي بذلتها ولا تزال تقدمها قيادة المملكة في إحياء ثقافة التواصل والتقارب الثقافي بين شعوب العالم عامة، ومن خلالها لدعم اللغة العربية في المنظمة ب«الجبارة والمثمرة» على حد تعبيرها، مضيفة قولها في هذا السياق: إن المملكة العربية السعودية دولة رائدة ولها ثقل دولي كبير بوصفها رمزاً للعالم الإسلامي. وتُعد اللغة العربية وستظل ذات أهمية قصوى لدى الأمتين الإسلامية والعربية، فهي لغة مقدسة بوصفها لغة القرآن الكريم، حيث أصبحت منذ عهد صدر العصر الإسلامي وهي لغة سائدة بعد انتشار الإسلام، ما زاد في عمق مكانة اللغة العربية، التي أصبحت بعد ذلك خلال العصور الإسلامية لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في البلدان التي حكمها المسلمون، وأثرت العربية، ما جعلها ذات تأثير مباشر أو غير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، كالتركية والكردية والأوردية، والفارسية، والماليزية، والألبانية، الإندونيسية، وغيرها من اللغات الإفريقية الأخرى، كلغة الهاوسا، واللغة السواحيلية، إلى جانب وضوح تأثيرها الذي لا يزال ماثلاً في مفردات اللغات الأوروبية، كالإسبانية والصقلية، والبرتغالية. كما يعد المقوم «الرئيس» لكل مقومات اللغة العربية، هو كونها لغة القرآن الكريم، إضافة إلى المقومات الأخرى التي تأتي تبعاً لذلك على المستوى الرسمي، أو على المستوى المؤسسي، أو على مستوى المقاييس المعيارية التي جعلت من اللغة العربية إحدى اللغات الست المعتمدة لدى «اليونسكو» وفي مقدمة هذه المقومات، يأتي عدد الناطقين بها، إذ يتحدث بها أكثر من 422 مليون عربي، إلى جانب تنوّع اللغة العربية، وعدد الدول التي تمثل فيها اللغة الرسمية، إضافة إلى معدلات النمو السكاني للناطقين بالعربية، ومدى ما تشكّله الترجمة من العربية وإليها، واقع الإنتاج الثقافي بها بالمفهوم الشامل لكافة المعارف والفنون الإنسانية، إلى جانب ما يصحبها من حركية اللغة في مختلف مجالات الحياة للمتحدثين باللغة، ومدى حضورها في الجوانب التعليمية، ومساحة استخدامها في وسائل الإعلام، ومدى حضورها في التقنية الحديثة ووسائل الاتصال، إلى جانب واقع حضورها على المستوى الفردي والمجتمعي من حيث ما تمثله اللغة له من هوية وإرث حضاري. ولا يزال للمملكة الدور البارز والمؤثر لدى منظمة «اليونسكو» لتكون اللغة العربية إحدى اللغات الرسمية المعتمدة لديها، إذ يأتي دعم المملكة اللغة العربية من منطلق النهوض بخدمة الإسلام، وقضايا المسلمين في مختلف أنحاء العالم على كافة المستويات، والمحافل الدولية، إذ يأتي في مقدمة هذا الدعم المتواصل والمتنامي - أيضاً - على مستويات عدة الدعم المؤسس للجهات والمراكز التي تُعنى باللغة العربية، وعلى رأس هذه المؤسسات والمنظمات، منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» إذ قدمت قيادة المملكة وما زالت تقدم الدعم السخي لهذه الهيئة، إيماناً منها برسالتها تجاه لغة القرآن وهوية المسلمين الثقافية والفكرية والمعرفية، إضافة إلى ذلك يأتي «برنامج الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعم اللغة العربية» في منظمة اليونسكو، الذي يأتي ضمن جهود المؤسسة في تمويل البرنامج، في منظمة الأممالمتحدة، الذي بدأ منذ 2007م مقدماً العديد من التبرعات لدعم برنامج الأمير سلطان - رحمه الله - لدعم اللغة العربية. كما أن اللغة العربية لا تزال تواجه تحديات يأتي في مقدمتها: غياب سياسات حكومية عربية متكاملة لتطويرها، إلى جانب ضعف البحث العلمي بشكل عام في علومها كاللسانيات والتواصل، ومزاحمتها من قِبل العديد من اللغات المدعوة باقتصاديات السوق العالمي، إضافة إلى ما تواجهه لغة الضاد من تحديات تعيق ازدهارها عبر التكنولوجيا، في ظل ضعف حركة الترجمة، وما يتبع ذلك من تحديات تواجهها العربية تتمثّل في صعوبة «الرقمنة» في عوائق بعيدة عن بنائية العربية، ما جعل واقعها على مستوى خرائط اللغات اليوم يعيش حالة تشرذم، في ظل إخفاق الدول العربية في توحيد المصطلح، وضعف الجهود المؤسسية في ردم هذه الهوة، التي تجعل من الدور المؤسسي وفي مقدمته «مجامع اللغة العربية» في أمسّ ما تكون إليه الحاجة للتصدي لظواهر تعيق ازدهار العربية بين أبنائها بوصفها تهديدات وعوائق داخلية، لا تزال تواجهها لغة الضاد.