في الأيام القليلة الماضية و أثناء يوم إجازة رسمي للدولة، فاجأت وزارة العمل و التنمية الاجتماعية الأوساط الاقتصادية في المملكة بقرار غريب يتمثل بتأجيل إطلاق برنامج «نطاقات الموزون» إلى وقت لاحق لم يتم تحديده و لو بشكل تقديري حيث أتى هذا القرار قبل ساعات قليلة من بدء الإطلاق المفترض للبرنامج المهم الذي عكفت الوزارة على دراسته منذ فترة زمنية طويلة و وظفت فيه كل مواردها البشرية و المادية في السنوات الأخيرة نحو تطبيقه ضمن برنامج التحول الوطني 2020م و ضمن الرؤية السعودية 2030م ليصبح الآن في علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز و جل. الذي لم أفهمه أن تقارير الهيئة العامة للإحصاءات عن سوق العمل في الربع الثالث من هذا العام 2016م أظهرت أن معدلات البطالة بين السعوديين ارتفعت من 11,6% في الربع الثاني من هذا العام إلى 12,1% في الربع الثالث، و هو بلا شك ارتفاع كبير في المعدلات الفصلية للبطالة بين السعوديين و هذا يبين لنا التدهور الحاصل في مسألة خلق الوظائف الجديدة للسعوديين في أول اختبار حقيقي و صعب تواجهه الوزارة في ظل إصرار القطاع الخاص على توظيف الأجانب كماً و نوعاً بعيداً عن توظيف أبناء البلد تحت غطاء برنامج «نطاقات» الكارثي بكل ما تحمله كلمة كارثي من معنى. الأغرب من ذلك، أن الوزارة أوضحت في بيانها الرسمي أن قرار التأجيل كان استجابة لرغبة عدد من منشآت القطاع الخاص كما لو أن الوزارة أصبحت تقدم برنامج «ما تطلبه منشآت القطاع الخاص» أسوة بالبرنامج الإذاعي الشهير «ما يطلبه المستمعون» و لعدد من هذه المنشآت فقط !!! فبدلاً من تقديم خدماتها لجميع شرائح المجتمع و خصوصاً الشباب السعودي (كما كنا نعتقد) يبدو لنا أن الوزارة لن تلتفت لمطالب السعوديين المشروعة في الحصول على فرص وظيفية كريمة و لائقة لهم و لن تستجيب لرغباتهم مستقبلاً طالما أنها تعترف ببيانتها الرسمية أنها تعمل استجابة لرغبة «عدد من منشآت القطاع الخاص» و هي التي لم تحقق مع القطاع الخاص أي نتائج ملموسة في السابق!!! كنا نعتقد أن وزارة العمل و التنمية الاجتماعية ستقاتل لأجل تطبيق «نطاقات الموزون» مهما كانت النتائج على اعتبار أنه الأمل الوحيد لحل مشكلة تفاقم معدلات البطالة بين السعوديين و الأمل الوحيد لخلق فرص عمل جديدة لهم، لكن من واقع ما نشاهده على أرض الواقع فالواضح لنا الآن أن القطاع الخاص هو الحلقة الأقوى في معادلة الوزارة ضد القطاع الخاص و هذا يجعلني أتساءل: كيف سيتم تطبيق «نطاقات الموزون» مستقبلاً إذا الوزارة عجزت الآن عن تطبيقه؟ و كيف ستواجه الوزارة تحديات ما بعد التطبيق الأكثر قوة و تأثيراً؟ و الأهم من سينفذ رغبات الشباب السعودي في الحصول على وظائف جديدة و لائقة لهم في بلدهم؟ و هل سنرى «نطاقات الموزون» مستقبلاً أم أنه سيصبح جزءا من الماضي؟