في الآونة الأخيرة، نلحظ تحركات واضحة من إدارة الخطوط السعودية نحو التطوير، ويشمل ذلك: تغييرات إدارية في المستويات العليا، شراء طائرات جديدة و استلام بعضها مؤخراً، تأسيس شركة تابعة مخصصة للطيران الاقتصادي، تأسيس خدمة البيرق للطيران الخاص، ابتعاث آلاف الشباب السعودي للدراسة في الخارج، فصل الشركات التابعة (التموين و الخدمات الأرضية وقريباً الشحن) إلى شركات مساهمة مستقلة ثم طرحها للاكتتاب العام، و أخيراً وضع هدف جريء يتمثل بتخفيض العمر الزمني لأسطول طائراتها من 9 سنوات حالياً إلى 3,5 سنوات في العام القادم !! لكن: هل هذا يعني أن الشركة تتطور فعلاً؟ لا شك أن تبني مثل هذه الخطط والإستراتيجيات هو رائع لشركة عملاقة تبحث لها من موطئ قدم في سوق إقليمية و دولية ذات تنافسية عالية و مفتوحة أمام الجميع، لكن: ماذا عن الأداء المالي للشركة الأم؟ و أين الإفصاح عن القوائم المالية لها؟ أو ماذا عن التقرير السنوي، كما تفعل الشركات المنافسة والتي لا تزال تعمل كشركات خاصة؟ بالنسبة للأداء المالي (و الذي يعتبر مقياس التقييم الأهم) ومن واقع ما يتم تداوله منذ سنوات طويلة، يبدو أن الشركة لا تزال تحقق خسائر تشغيلية لأنها لو كانت قد حققت أي أرباح تشغيلية لرأيناها تطبل لذلك في جميع وسائل الإعلام وهذا ما يفسر رفضها الإفصاح عن قوائمها المالية أو عن تقريرها السنوي، و بالنسبة للخطط و الإستراتيجيات فلم أجد أي حديث عن تحسين الكفاءة مثل رفع نسبة إشغال المقاعد لمستويات تزيد في المتوسط عن نسبة 75% مقارنة بالخطوط الإماراتية مثلاً، و هي التي تعتمد على رحلات كلها دولية وعلى سياسات تسعيرية للتذاكر تزيد دائماً عن الخطوط السعودية وعلى عدد موظفين يقارب أربعة أضعاف عدد موظفي الخطوط السعودية مجتمعين، و هذا ما يفسر تحقيق الخطوط الإماراتية لصافي أرباح و أرباح تشغيلية تنمو تدريجياً في السنوات الأخيرة !!! أما ما يتعلق بتخفيض متوسط العمر الزمني للأسطول من 9 سنوات إلى 3,5 سنة في العام القادم (كما ورد في تصريح لأحد كبار مسؤولي الخطوط السعودية)، فأنا شخصياً أشك في ذلك، بل وأشك ان يتحقق ذلك في عام 2020م على الرغم من أن الشركة تنوي رفع الأسطول من 126 طائرة حالياً إلى 200 طائرة في عام 2020م لأن ذلك يعني أن 70% من الأسطول يجب أن تكون طائرات حديثة الصنع في نهاية الفترة بينما مجموع ما طلبت الشركة شراءه لا يتعدى 120 طائرة فقط، وهو رقم يشكل نسبة لا تزيد عن60% من الحجم المستهدف للأسطول (هذا إذا تجاهلنا أن الطائرات المستلمة حديثا سيكون عمرها في 2020م 4 سنوات تقريباً)، فكيف سيخفضون متوسط العمر الزمني للأسطول؟ الأهم من كل ذلك، أن نموذج العمل الذي تتبناه الخطوط السعودية والقائم على تملك جميع الطائرات تقريباً (سواء بتمويل و رهن الطائرات للبنوك التجارية أم لا) هو نموذج عفى عليه الزمن و لا يتلاءم إطلاقاً مع متطلبات المنافسة القوية في سوق الطيران التجاري الإقليمي والدولي والتي بدورها تتبنى نموذجا مختلفا يقوم على بيع الطائرات لمستثمرين ثم إعادة استئجارها منهم بعائد استثماري معقول للملاك الجدد و لفترات زمنية تتطابق مع العمر الاقتراضي لكل طائرة، بحيث يتم استخدام السيولة النقدية الاستخدام الأمثل لتمويل التوسع في النشاطات التشغيلية، والمدرة للدخل بدلاً من تجميد السيولة النقدية على شكل أصول ثابتة تمثل عبئا ثقيلا جداً على القوائم المالية، كما تفعله الخطوط السعودية الآن !!!