لهذا الحقل الدلالي حضور كثيف في الخطاب النقدي؛ فكما يرى النقّاد أن للمعادن الكريمة والجواهر قيمتَها، فللشعر كذلك قيمته؛ وبناءً على هذا فهم ينهلون من معجم هذا الحقل في سياق حديثهم عن جمال الشعر، وجودة النظم. وقد أفاد ابن طباطبا من هذا الحقل في معرض كلامه عن دور الشاعر، فقال: «كناظم الجوهر الذي يؤلف بين النفيس منها والثمين الرائق، ولا يشين عقوده، بأن يُفاوت بين جواهرها في نظمها وتنسيقها»، وقال عن صياغة الشعر: «يكون كالسبيكة المفرغة، والوشي المنمنم والعقد المنظم»، كما نهل أبو هلال العسكري من هذا الحقل وهو يتحدث عن حسن التأليف، قال: «وإذا كان المعنى وسطاً، ورَصفُ الكلام جيداً كان أحسن موقعاً، وأطيب مستمَعاً، فهو بمنزلة العقد إذا جُعل كل خرزة منه إلى ما يليق بها؛ كان رائعاً في المرأى، وإن لم يكن مرتفعاً جليلاً، وإنِ اختلّ نظمه فضُمّت الحبة منه إلى ما لا يليق بها؛ اقتحمته العين، وإنْ كان فائقاً ثميناً». لقد كان الخطاب النقدي حافلاً بألفاظ هذا الحقل، حتى إننا نجد ابن المعتز يكرر وصف بعض القصائد الجياد بالقلائد، كما أورد القاضي الجرجاني بيتاً للمتنبي، ووصفه بأنه من قلائده. ومن خلال استعراض بعض الشواهد النقدية ظهرت لنا كثرة امتياح النقاد ألفاظاً من هذا الحقل، من قبيل: (ناظم، الجوهر، يؤلف، النفيس، الثمين، الرائق، عقود، جواهر، نظم، تنسيق، سبيكة، عقد، منظم، خرزة، ...)، والشواهد على هذا الحقل كثيرة جداً، ولكنني اكتفيت بما أوردته؛ لأن المراد هو التمثيل على الظاهرة لا استقصاء نماذجها.