كلما تجددت محاولات الإرهابيين في استهداف بلادنا تجددت معها الثقة في صلابة مؤسساتنا الأمنية وقدرتها على دحر ومحاصرة تلك المحاولات، فالأخبار تتوالى تباعا حول القبض على خلايا إرهابية وإحباط عمليات مختلفة في مناطق متفرقة من بلادنا -حفظها الله - ومع ذلك لا يشعر المرء بأي اختلاف أو تغيير في طمأنينة حياته المدنية، هذه النتيجة بحد ذاتها تمثل دافعا ومحفزا لقراءة الوعي الأمني وتطوره في بلادنا لمواجهة الإرهاب الذي يمثل اليوم أكبر تحد لتحقيق التنمية المستدامة ليس في منطقتنا بل العالم أجمع! في نظري أن ترجمة الوعي الأمني بظاهرة الإرهاب والقضاء عليها قد جرى على لسان المتحدث الأمني بوزارة الداخلية اللواء منصور التركي حين أسس في بداية حديثه في ظهوره الأخير وهو يتلو بيان الوزارة من خلال الإشادة بدور المجتمع السعودي في رفع الوعي لدى أفراده بخطر الفكر التكفيري على الوحدة الوطنية واستهدافه أمن الوطن وقدراته ومكتسباته مؤكدًا أن هذا الوعي والعمل قد ساهم بشكل مباشر في الحد من قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد شباب الوطن لتنفيذ عمليات إرهابية داخل المملكة، وفي نظري أن هذه العلاقة تمثل الحاضنة المجتمعية والصلبة التي انعكست على القدرة على الاستشعار المبكر لأنشطة الإرهابيين ومحاصرتها. ذاكرة العالم لم تجف بعد من صور القلق والرعب التي رسمها الإرهاب فعمت العاصمة الفرنسية باريس وكذلك في بروكسل وعدد من العواصم الأوربية، والإجراءات الأمنية المشددة التي أعقبتها، في الوقت الذي يستمتع بمشاهدة المبارة في المملكة وفي ملعب الجوهرة بمدينة جدة أكثر من 60 ألف متفرج دون أن يشعروا بأي تهديد أو رعب وهم محاطون بعملية إرهابية كبرى. ولنا أن نتخيل لو أن العملية الأمنية لم تتعاطى معها وزارة الداخلية بالشكل الذي جرى فأنا على يقين أن الفوضى التي سيتسبب بها اندفاع الجمهور قد تخلف ضحايا أشد من تفجير سيارة أو غيره. لا بد أن نؤكد اليوم أن التنمية المستدامة وتحقيق النمو الاقتصادي الذي نسعى إليه في بلادنا لن يتحقق دون حاضنة اجتماعية واعية بتفاعلها مع المؤسسات وعلى رأسها المؤسسة الأمنية، والحقيقة أن العلاقة المتقدمة بين هذه المؤسسة والمجتمع هي من جعل كل فرد سعودي رجل أمن يدرك عظمة مسؤوليته تجاه وطنه ومليكه وهي من ترجم هذه الإنجازات الأمنية التي تمنحنا الطمأنينة... فليزهو الوطن بأمنه وسلامه.