تكمن أهمية النقل البحري في المملكة في أن ما يربو نسبته على 90 في المائة من صادرات وواردات المملكة تتم عبر الطرق البحرية، وكذلك من كون المملكة تتمتع بسواحل تمتد لمسافة تزيد على 1500 ميل بحري. من ثم برزت الأهمية الكبرى لهذا القطاع، وتجلت في العديد من الاستراتيجيات والخطط الوطنية. وقد بدأت المملكة اهتمامها بهذا القطاع في ظل تنامي حمولات السفن التجارية من خلال إنشاء موانئ حديثة مجهزة بأحدث المعدات والتجهيزات لتقديم أفضل الخدمات لمرتادي تلك الموانئ. وفيما كانت نفقات تشغيل الموانئ السعودية في الماضي تتحملها الدولة بالكامل، صدر أمر سام كريم بطرح أعمال إدارة وتشغيل الأرصفة والمعدات التابعة للموانئ في منافسة عامة وإسنادها للقطاع الخاص بأسلوب التأجير، حيث أدى هذا التحول الكبير في أسلوب تشغيل الموانئ السعودية إلى رفع أعباء تلك التكاليف عن كاهل الدولة ليتكفل بها القطاع الخاص ونتج عن ذلك زيادة إيرادات الدولة من عائدات تشغيل الموانئ لتصل في العام الماضي إلى أكثر من 4.5 مليار ريال. وفي هذا السياق كان إنشاء شركة محطة بوابة البحر الأحمر، أحدث محطة نموذجية للحاويات في المملكة العربية السعودية، وهي نتيجة تضافر جهود تحالف سعودي ماليزي واستثمار رؤوس أموال محلية وعالمية، كما أنها التجربة الأولى من قبل القطاع الخاص في مضمار النقل تماشياً مع رؤية حكومة خادم الحرمين الشريفين بإشراك القطاع الخاص في عجلة تنمية اقتصاد المملكة. ومع تبني المملكة العربية السعودية لنهج جديد في إدارة ملف الشؤون الاقتصادية وملف التنمية المستدامة وفق رؤية (2030) وبرنامج التحول الوطني، اتجهت الأنظار مجدداً إلى الموانئ السعودية لأهمية الدور الذي ستقوم به في المرحلة المقبلة، وقد تضمنت الرؤية بعض المرتكزات الأساسية التي سيتم العمل على استغلالها، ومن أبرزها الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية كإحدى أهم بوابات العالم وبصفتها مركز ربط للقارات الثلاث تحيط بها أكثر المعابر المائية أهمية. وبالتالي فإن موانئ المملكة البحرية سيكون أمامها في سياق رؤية المملكة العديد من الواجبات والمهام والكثير من التحديات بما يحقق تقدم ترتيب المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية من المرتبة 49 إلى 25 عالمياً، والأولى إقليمياً. وشركة محطة بوابة البحر الأحمر تؤكد عزمها على أن تكون عاملاً مهماً في دعم رؤية المملكة في مجال النقل البحري، وشريكاً أساسياً في ترجمة خطط تلك الرؤية من خلال الخدمات التي تقدمها في ميناء جدة الإسلامي. إلى ذلك وقعت شركة محطة بوابة البحر الأحمر بميناء جدة الإسلامي مؤخرا اتفاقية تمويل إسلامي بمبلغ 260 مليون ريال سعودي لمدة 8 سنوات مع مصرف الراجحي والبنك السعودي الفرنسي بهدف توظيفها لتطوير أعمال توسعة أرصفة الشركة بالميناء بتكلفة اجمالية بلغت 650 مليون ريال ومن المتوقع أن تنتهي الأعمال الإنشائية في الربع الرابع من العام 2017. وفي هذا الصدد كان رئيس المؤسسة العامة للموانئ الدكتور نبيل العمودي قد أكد على هامش توقيع الاتفاقية على الدور المحوري لميناء جدة الإسلامي وما سيوفره مشروع التوسعة من مواكبة تطور الصناعة الملاحية وتعزيز مكانة ميناء جدة الإسلامي كوجهة رئيسية للسفن العملاقة على خط الشرق - الغرب. منوهاً بالمؤسسة العامة للموانئ وسعيها للعمل جنباً إلى جنب مع شركائها في القطاع الخاص لتوفير الدعم اللازم لمسيرة الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 فيما يخص منظومة الموانئ السعودية وتوفير متطلبات النمو المتزايد على الاستيراد والتصدير في المملكة. ومن جانبه وفي ذات السياق أوضح الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للخدمات الصناعية «سيسكو» التي تتبعها شركة محطة بوابة البحر الأحمر المهندس محمد المدرس أن المشروع يشمل أعمال تمديد وتأهيل للرصيف الرئيسي وتحويل رصيف سفن التغذية إلى رصيف رئيسي قادر على استيعاب 3 سفن عملاقة في آن واحد «من سعة 20 ألف حاوية وما فوق» مع تعميق لغاطس القناة الملاحية الحالية وزيادة قطر منطقة دوران السفن واستيراد معدات رافعات ساحلية ورافعات عملاقة وشاحنات نقل وفق أعلى المعايير العالمية والفنية. حيث صنفت الشركة من أعلى الشركات الرائدة من حيث الإنتاجية على مستوى العالم بشهادة عملائها. ومن الجدير بالذكر أن شركة محطة بوابة البحر الأحمر استثمرت أكثر من 2.2 مليار ريال سعودي منذ إنشائها، وسيضيف مشروع التوسعة ما نسبته 50 % زيادة في طاقة المحطة الاستيعابية لتمكنها من مناولة 2.25 مليون حاوية سنويا. وتعد الشركة مثالا حيا لمشاركة القطاع الخاص في تطوير البنية التحتية للمملكة حيث مولت بالكامل من القطاع الخاص بنظام البناء والتشغيل وإعادة الملكية «BOT» وهي أحدث محطة في ميناء جدة الإسلامي.