الإنجاز هو العنوان الأبرز الذي تصدر وسائل الإعلام العالمية طيلة الأسبوع الماضي، بعدما حققت المملكة نجاحًا تاريخيًّا واستثنائيًّا في إدارة موسم الحج لهذا العام. وبالرغم من أن النجاح الذي تحقق - بحمد الله وفضله - ليس بجديد على المملكة، بل هو ممارسة حقيقية منذ سنوات طويلة، منذ أخذ المؤسس الملك عبدالعزيز على عاتقه أن يكون الدين لله وحده، وإفراغ الحج من كل الشعارات الحزبية والطائفية والمذهبية، ومنذ ذلك الحين والمملكة تحقق نجاحات كبيرة، ومشهودة، رغم أنف من يريدون زعزعة الأمن وبث الفتن وإيذاء الحجاج. وإذا كان الحلم من شيم العرب فإن الحزم والحلم من شيم سلمان، الحزم مع كل من تسول له نفسه التلاعب بأمن هذه البلاد المباركة وأمن ضيوفها من حجاج بيت الله الحرام. وبفضل من الله، وبوعي من حكومتنا الرشيدة، أجهضت المملكة الممارسات السيئة والمسيسة كافة التي عكف نظام الملالي في إيران على تصديرها، ودأب على حبك الفتن في مواسم الحج، وترويع الناس والخروج عن النظام بهدف التشكيك في قدرات المملكة وتفوقها منقطع النظير في إدارة الحشود في مواسم الحج المتعاقبة، وهذه - مع كل أسف - عادة صفوية قديمة، هدفها تسييس الحج، وإخراجه عما شرعه الله، لكن المملكة تدرك ذلك شعبًا وحكومة، واستعدت له، ونجحت في إخراج موسم الحج في أبهى صوره، ودون حوادث تذكر، بفضل تلاحم الإدارات كافة والجهات المسؤولة عن الحج، وبفضل الممارسات الجيدة والخبرات التراكمية للحكومة السعودية في إدارة الحج والتجمعات الضخمة فقد ظهر الحج هذا العام بشكل نوعي ونجاح فاق كل النجاحات السابقة، وهذا ما نحتاج إليه في الأعوام القادمة: سياسة سلمان في الحزم مع فكر الإدارة وخبرات العمل. كل عام والمملكة تحقق نجاحات في إدارة الحج، ولولا بعض التصرفات غير المسؤولة من قِبل الحجاج الإيرانيين لما تعرض حاج إلى مشكلة في رحلته الروحية والتعبدية هذه؛ فهناك مئات الآلاف من حجاج بيت الله الحرام كل عام يأتون من كل فج عميق، أتوا برًّا وبحرًا وجوًّا، أتوا لتأدية مناسك معروفة مجدولة لهم من قِبل رب السماوات والأرض، يجب ألا يتأخروا يومًا ولا يتقدموا يومًا، حسابات دقيقة، باليوم وبالساعة، ولكل حاج منسكه. ولقد وفرت المملكة كل الخدمات، وجندت الطاقات كافة؛ كي يؤدي الحجاج مناسكهم بيسر وسهولة واطمئنان، فلا توجد بنية تحتية في العالم كالتي وفرتها حكومة المملكة في مكة، ولا يوجد هذا الكم من الفنادق والمستشفيات على هذه المساحة نفسها في أي بقعة على سطح الأرضية. وأنا هنا أود أن أسوق مثالاً واحدًا فقط، هو مستشفى مدينة الملك عبدالله في مكة الذي أجرى 27 عملية قلب مفتوح و300 عملية قسطرة، وبعض هذه الحالات احتاجت لجهاز منظم ضربات القلب، الذي تجاوزت قيمته 100 ألف ريال، قدمته المملكة مجانًا لكل حاج حتى يكمل حجه بيسر وسهولة. كما تم تخصيص سيارة إسعاف له بأجهزتها وطاقمها الطبي حتى يتمكن من الوقوف بعرفات. وبلغ عدد سيارات الإسعاف التي وقفت في عرفات تحمل حجاجًا مرضى أكثر من 400 سيارة إسعاف، بها من يتولى الرمي عن أولئك المرضى. لقد رفعت المملكة شعار الرقي بالخدمات، وحققت على أرض الواقع منجزات لا حصر لها، دون ما يعكر الحجاج، وحرص صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة على الوجود بين صفوف الحجاج، ومشاركة العاملين في تنفيذ الخطط في الميدان؛ وهذا ما جعله يقف متباهيًا فخورًا أمام وسائل الإعلام في مؤتمر صحفي عالمي؛ ليؤكد أن التنظيم الناجح للحج هذا العام رد على كل الأكاذيب والافتراءات التي وُجّهت للمملكة قبيل الحج من الحاسدين والحاقدين ومن المرجفين، الذين أرادوا التشكيك في قدرة المملكة على قيامها بخدمة حجاج بيت الله الحرام، وتسيير أمور الحج بهذا الشكل الذي ظهر للجميع هذا اليوم. وأكد الأمير خالد الفيصل أن وقوف أكثر من مليوني حاج على صعيد عرفات في الوقت والمكان نفسيهما والأسلوب واللباس الأبيض، كبياض نفوسهم وقلوبهم، ويقفون على هذا الصعيد تحفهم السكينة والطمأنينة رافعين راية الإسلام الخضراء التي شعارها الإسلام دين سلام، رسالة يوجهونها للعالم، ويثبتون للعالم أجمع أن الإسلام دين سلام، وليس دين إرهاب وتخريب. كما أن للجهود الضخمة التي بذلها وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وأعضاء اللجنة ورجال الأمن دورًا كبيرًا، لا يمكن إغفاله في تنفيذ الخطط الأمنية والوقائية والصحية والتنظيمية والخدمية والمرورية وإجراءات السلامة كافة؛ ما مكَّن جموع الحجاج من أداء مناسك هذا الركن العظيم من أركان الإسلام بكل يسر وسهولة في منظومة متكاملة من الخدمات والتسهيلات والرعاية الأمنية والحركة المرورية المنتظمة في تنقلات حجاج بيت الله بين المشاعر المقدسة؛ ما أسهم في نجاح موسم حج هذا العام.