تألمت كثيرًا وأنا أشاهد وفود دول العالم المشاركة في أولمبياد ريو 2016م وهي تضم عشرات، بل مئات اللاعبين، بينما يتكون وفد المملكة العربية السعودية ذات المكانة العالية المرموقة دوليًا والصيت والثقل والتأثير سياسيًا ودينيًا واقتصاديًا من 11 لاعبًا ولاعبة فقط ستة منهم في ألعاب القوى، ما يعني إخفاق الألعاب الأخرى وفشلها في التأهل لهذا المحفل العالمي، وآن آلاف اللاعبين في كشوفات الأندية الممارسين للألعاب الفردية والجماعية هم مجرد أسماء لا غير..! عرف الأولمبياد بأنه حصاد عطاء وجهد وفكر وتخطيط المؤسسات والاتحادات الرياضية لكل دولة، لا مجال فيه للنفخ والتهويل والتطبيل، الأرقام وحدها تتحدث وتكشف مستوى رياضة كل بلد على حقيقتها، وللأسف فإن الأمر بالنسبة لحجم مشاركتنا في ريو 2016 ليس مخجلاً ومحزنًا فحسب وإنما يدل على أن رياضتنا بانحدار فهي أقل وأسوأ بكثير من مشاركاتنا في الأولمبيادات السابقة، أين كرة القدم والألعاب الأخرى؟ أين الفروسية؟ حتى ألعاب القوى التي كانت الواجهة وحفظت ماء وجهنا سنوات طويلة ها هي تتراجع وتثبت أن رياضتنا تمر بالفعل بأزمة مخرجات ونتائج خطيرة.. نثق بفكر وحماس وسلامة تخطيط وبعد نظر رئيس الهيئة العامة للرياضة الأمير عبدالله بن مساعد، ونجزم أن لديه رؤى ومشروعات مستقبلية لتطوير الرياضة السعودية والارتقاء بها تنافسًا وممارسة، لكن هذا في تقديري لا يكفي للإلمام بكل مكوناتنا وأنشطتنا الرياضية ومنشآتها وأدواتها وتجهيزاتها، وبث روح العمل بإخلاص وإتقان وإنجاز لكوادرها الإدارية والفنية، وبالتالي انعكاس هذا إيجابًا على الشريحة المهمة والمستهدفة وهم اللاعبون من خلال البيئة الحاضنة لهم (الأندية)، لذلك فإن انتشال رياضتنا من واقعها الراهن يتطلب اتخاذ قرارات جريئة سريعة فيما يتعلق بتحديد الأندية المنافسة والممارسة، على ألا تزيد عدد الألعاب في الأندية المنافسة على لعبتين جماعيتين ومثلهما فردية، وكذلك البدء في مشروع تخصيص الأندية فهو الكفيل بضبطها إداريًا وفنيًا وماليًا وتنظيميًا ونقلها من التخبط والفوضى والعشوائية والعاطفية إلى العمل المؤسسي.. لا للتعيين! لأهميتها في مسار الرياضة السعودية كنت أتمنى ألا تكون انتخابات الاتحادات الرياضية التي سيحين موعدها بعد نهاية الأولمبياد وتحديدًا في الخامس والعشرين من شهر أغسطس الجاري بنفس آلية الانتخابات السابقة، حيث اقتصرت فقط على نصف مقاعد مجلس كل اتحاد على أن يتم تشكيل النصف الآخر مع الرئيس بالتعيين، لأن هذا الإجراء كان من أسباب عزوف المترشحين للانتخابات الذين أعلنت أسماؤهم مؤخرًا، وجاءت مخيبة للآمال سواء في تعداد أو نوعية وخبرة وتأهيل المترشحين، الأمر الذي سيضع أغلبية الاتحادات الرياضية أمام واقع تكرار ذات الإخفاقات في الدورة الثانية المقبلة..! لا أدري لماذا لم تتعامل اللجنة الأولمبية السعودية مع انتخابات الاتحادات بحسب نظام القائمة وليس فرديًا، وهي الرؤية الناجحة التي كان الأمير عبدالله بن مساعد دائمًا ما يطالب بها ويرى أنها المخرج الوحيد والمناسب لظروفنا وثقافتنا وتجربتنا مع الانتخابات؟ لماذا نلجأ لأسلوب التعيين وبخاصة الرئيس بعد أن أثبت فشله في كثير من الاتحادات؟ لا نريد أن تتحول مثل هذه المناصب الحساسة في الشأن الرياضي المتدهور إلى عطايا وهبات ومجاملات على حساب المصلحة العليا، وعلى حساب الأسماء الأفضل والأجدر التي تملك المواصفات والمؤهلات والخبرات وأيضًا النجاحات خلال مسيرتها الرياضية في الأندية.. رسالة إلى أمير الرياضة أخيرًا.. أكرر ما قلته عن شخصية وسمة وطموح الأمير عبدالله بن مساعد ومدى حرصه على النهوض بالرياضة السعودية، لذلك لن أتردد بتوجيه هذه الرسالة المختصرة لسموه: مثلما ابتهجنا ورحبنا بموقفكم من قضية التلاعب بالنتائج في دوري الدرجة الأولى، فإننا نتطلع إلى أن يكون لسموكم نفس الحزم في ملفات وقضايا وتصرفات وتجاوزات هي من دمرت وأساءت لرياضتنا نراها وننزعج منها في اتحاد القدم والاتحادات الأخرى النائمة في سبات عجزها وتقصيرها وعدم اهتمامها بمسؤولياتها، لا تلتفت للمحبطين والمرجفين المتعصبين، سينظرون لك بعين السخط لأنك ببساطة قطعت عليهم طريق عبثهم وفوضويتهم، هذه النوعية من المسؤولين والإعلاميين المستنفعين لا يهمهم تطور رياضتنا بقدر اهتمامهم بمصالحهم الشخصية وتمرير وتبرير قرارات ميولهم وأهوائهم..! وسطنا الرياضي يحتاج لقرارات حازمة سموكم أهل لها، قرارات تضبط أداء الاتحادات وتحاسبهم أولاً بأول على أخطائهم، تقف في وجه كل من تسول له نفسه التلاعب بالأنظمة، قرارات تردع كل إعلامي يكرّس الحقد والكراهية والضغينة، ينشر الاحتقان، يسيء أو يتطاول أو يتهم أو ينال من مشاعر وحقوق وخصوصية الآخرين دون وجه حق ولمجرد تحقيق بطولاته الفارغة وإرضاء هوسه وجنون تعصبه.. سمو الأمير: المرحلة المقبلة معقدة وصعبة في كل شيء وبالذات في الجانب المالي، ولأن لديكم توجهًا نحو مفهوم (كفاءة الإنفاق) وهي الخطوة المناسبة لظروف المرحلة نأمل الأخذ بها وتعميمها وتعزيزها وتطبيقها على كل ما له علاقة بالرياضة أندية واتحادات، سدد الله خطاكم ووفقكم لكل خير..