من أجمل المناسبات السعيدة التي تمر على المسلمين - بصرف النظر عن الظروف التي قد تحيط بهذه المناسبة- مناسبة عيد الفطر المبارك؛ ولهذا نجد في الشعر العربي حضوراً للتهاني بهذه المناسبة. وسأورد من الشواهد ما يمكن أن تحتمله مقالة، وإلا فالعنوان واسع يمكن أن ينهض ببحث علمي. لقد شاع بين الناس حين يرى أحدهم صاحبه بعد انقطاع أن يقول له: في السنة عيدان وهذا الثالث)، وقد سبق ابنُ الرومي إلى هذا المعنى ببيتيه المشهورين: وله أيضاً بيتان يهنئ بهما، وقد أحسن فيهما: ولأبي بكر الخالدي تهنئة فائقة الصياغة، قال فيها: ويبدو أن كثيراً من تهاني العيد تتخذ من تشبيه المهنَّأ بالعيد صورةً لها، أو تشبيهه بهلال العيد وما إلى ذلك، قال أبو عامر بن الفرج - وهو وزير المأمون بن ذي النون-: طوفي مثل هذا جاء بيت عبدالسيد الواسطي مهنئاً الأمير شمس الدين: وقال أبو بكر بن حبيش مهنئاً بعض أودائه وقد زاره في يوم عيد الفطر، وأبياته لا تخلو من طرافة: ولابن رشيق القيرواني ضمن قصيدة فيها طرافة، أنشأها وقد غاب المعز بن باديس عن حضرته وكان العيد ماطراً: ولابن زَبادة الشيباني يهنئ الإمام المستنجد وقد أجاد صياغة التهنئة: وللمفتي فتح الله (ت 1260ه) تهنئة لم تبعد عن هذا التصوير، ولكنها لم تبلغ مبلغه في جمال السبك: ونلحظ مثل هذا عند علي الجارم أيضاً: وفي كل الأبيات التي مضت كانت التهاني لأمراء وأعيان وكبراء، أما ابن مؤثل فله نظرة إلى العيد مختلفة لا ترى أن العيد في اللباس الجميل، والعطر الفاغم، بل هو -كما يرى-: ومن الأبيات التي تُصدِئ الذوق، وتعكر الفرح قول الزاهد أبي إسحاق بن قشوم - وإن لم تكن تهنئة-: ألا قال مثلما قال أبو إسحاق الصابئ: هكذا فلتكن تهاني العيد، ترغيباً في الفرح، وتحفيزاً على السعادة.