لم يعد الإيرانيون في مختلف الشعوب والقوميات التي يحكمها ملالي إيران على نفس الاستكانة والخنوع الذي كانوا عليه طوال العقود الماضية، فقد أخذت نذر التمرد والمواجهة تَهُبُّ بين الحين والآخر في كثير من المدن والمناطق الإيرانية. في البداية ظهرت حالات الرفض ومواجهة سلطات القمع والتظاهر في الأطراف خارج العاصمة طهران وبالذات في الأقاليم غير الفارسية في الأحواز وكردستان وبلوشستان حتى وصلت إلى قلب الهضبة الفارسية حيث يشكل الفرس العنصر القومي الذي ينتمي إليه الملالي الذي يعد البيئة القومية المساندة للنظام، إذ أخذ الفرس وأغلبهم من نفس المذهب الشيعي الذي يتبعه النظام وإن حرفه ملالي إيراني بغرض ولاية الفقيه كأساس للمنصب لينحرفوا به نحو المذهب الصفوي، وهوما دفع كثيرا من أبناء القومية الفارسية منشقين عن النظام وغير مهتمين ولا منتمين لنهج ولاية الفقيه، وإن كتموا الأمر خوفاً من إجراءات القمع والتسلط للأجهزة القمعية الأمنية التي سلطها الملالي على رقاب الشعوب الإيرانية فرسا وعربا وأكرادا وبلوشا وأذريين وتركمانا، إلا أن كل ذلك لم يجد توافقاً مع منطق الأشياء إذ لا يمكن أن يستمر خنوع الشعوب لقهر وتسلط الحكام، وهكذا بدأت إشارات الرفض والتمرد التي كما ذكرنا بدأت من الأطراف ومن الأقاليم غير الفارسية حتى وصلت إلى قلب فارس، داخل طهران العاصمة التي شهدت يوم 29 من شهر حزيران - يونيو الذي انصرم قبل يومين تجمعا لمئات العمال والشباب أمام مكتب روحاني الكائن في شارع «باستور» بطهران دعماً للعامل المسجون سياسياً جعفر عظيم زاده الذي يعيش في وضع صحي متأزم إثر إضرابه عن الطعام منذ 62 يوماً وطالبوا بالعمل الفوري لإنقاذ حياته. وكان المجتمعون القادمون من مدن مختلفة يهتفون «السجن ليس مكان العامل والجلد ليس أجر العامل» و«العامل السجين يجب إطلاق سراحه» و«ليطلق السجين السياسي» و«مضت 62 يوماً وجعفر لم يفرج عنه» و«النهابون طليقون والعمال مسجونون». وكانت عناصر المخابرات والشرطة القمعية لم تسمح بالتصويروالتقاط الصور عن هذا التجمع الاحتجاجي وقبل ذلك بيوم واحد، أصدر رسول بداقي وإسماعيل عبدي ومحمود بهشتي لنكر ودي من المعلمين السجناء المطلق سراحهم مؤخراً بيانا مع 180 معلماً وعاملاً آخر أعلنوا فيه أنهم سيضربون عن الطعام اعتباراً من الخميس 30 يونيو حتى السبت 2 يوليو دعماً ل«جعفر عظيم زاده». كما أن السيد علي معزي مع عدد آخر من السجناء السياسيين في سجني ايفين وجوهر دشت أكدوا على أن الحكومة القمعية وجهاز القضاء هما يتحملان مسؤولية حياة جعفر عظيم زاده وهم بدأوا إضراباً عن الطعام من يوم الثلاثاء 28 يونيو وأصيب جعفر عظيم زاده بالإغماء عدة مرات في الأيام الماضية. هذا التظاهرأمام مكتب رئيس جمهورية ملالي إيران تصعيد جديد لرفض الإيرانيين للملالي ويرى فيه العديد من المراقبين اقتراباً أكثر لاتساع الثورة على النظام.