قدمت السينما السعودية خلال الخمس سنوات الماضية العديد من الأفلام التي تقدم مواضيع متعلقة بالإرهاب والتطرف من زاويا وقصص مختلفة، حيث عرضت الأفلام في مختلف أنحاء العالم ابتداء من مهرجان أفلام السعودية في مدينة الدمام، مروراً بعدد من العواصم والمدن العربية والعالمية، وتلقت الأفلام ردة فعل إيجابية من الجمهور خصوصا الجمهور الغربي في عدد من الدول الأوروربية والولايات المتحدة. ومن هذه الأفلام، الفيلم القصير (قاري) للمخرج السعودي محمد سلمان، الذي يشارك في المهرجان السينمائي الدولي في جزر الكايامان في المملكة المتحدة، حيث سوف تنعقد دورته القادمة خلال الفترة من 1 وحتى 4 يوليو 2016، ويجده الناقد السوري صلاح سرميني فيلماً هاماً وسيجد مكاناً في العديد من المهرجانات والمناسبات الدولية السينمائية خلال هذا العام. شركة المحتوى المتكامل والتي سبق لها أن أنتجت فيلماً سعودياً آخراً بعنوان «داعش» ويتناول قصة شاب يقرر ترك جماعة إرهابية ولكن يكتشفون أمره قبل هربه، مما يجعله عرضه للعقاب الشديد من قبل الجماعة، الفيلم تم إنتاجه في العام 2013 وهو من إخراج المخرج عبد الرحمن عايل وتم عرضه على نطاق واسع، ويمكن مشاهدته على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد تنوعت الأفلام ما بين الروائية إلى الوثائقية والقصيرة، وأخرى تم إنتاجها خصيصاً لموقع اليوتويب، مثل فيلم «شنة» الوثائقي، الذي يتناول أحداث الإرهاب الأخيرة، والتي حدثت في المنطقة الشرقية، تم عرض الفيلم في مهرجان أفلام السعودية هذا العام 2016م وهو من إخراج محمد الملا ويمكن متابعته على قناة سين في موقع اليوتويب. كما يقدم الفيلم التوثيقي الدعائي «أعداء على الأبواب» إرشيفاً مفصلاً وجاذباً عن ظاهرة الإرهاب في عواصم متعددة حول العالم ويطرح الفيلم الذي تم عرضه مؤخراً في قنوات اميركية وعالمية خلال هذا العام، ويعرض مقابلات وإرشيفاً مع مقاطع خطيرة تعرض لأول مرة عن أسرار بعض الجماعات والتنظيمات الإرهابية، سواء التقليدية منها مثل القاعدة أو المستحدثة في السنوات الثلاث الأخيرة مثل بوكو حرام وتنظيم داعش. إلى جانب هذه الأفلام السعودية، يأتي فيلم «›ران على قلوبهم» وهو فيلم سعودي يناقش قضية الإرهاب الفكري والذي يجتذب عدداً من الشباب المغرر بهم من أجل تنفيذ مهمة تفجير المساجد في دول خليجية. ومع رؤية 2030 السعودية والتي تهدف لخلق مستقبل مستقل منتج للمملكة العربية السعودية، يشدد الخبراء على أهمية تواجد السينما السعودية في هذه المرحلة الحساسة في تاريخ السعودية، التي تتطلب دعماً أكثر للسينما ليس فقط لصناعة أفلام سعودية راقية تنافس جاراتها كالأفلام التركية، ولتقديم حراك سينمائي حقيقي يتمثل في تخصيص أقسام للسينما في الجامعات، كما يطالب صناع السينما بدعم مؤسسي صريح للأفلام السعودية، وتخصيص قسم رسمي للسينما معترف به وبميزانية في وزارة الثقافة والإعلام. كما يرى الكثير من السينمائيين في المملكة أنه من المهم إنشاء مهرجانات سينمائية في كل مدن المملكة، وألا يكون محصورا فقط في مدينتي جدةوالدمام، بل يتعدى ذلك لمدن أخرى في المملكة، لكي يشاهد الجميع الإنتاج السعودي السينمائي الذي يعرض قضايا الإرهاب وغيرها من المواضيع التي يعتقدون أنها مهمة في تاريخ المملكة، مما يدعو إلى الاعتراف المؤسسي بها وإدراج السينما السعودية كأحد الخطط الثقافية المستقبلية التي يجب أن تكون ضمن رؤية المملكة الثقافية للسنوات القادمة من أجل مواجهة التحديات التي من الممكن أن تواجهها، ولا ننسى أن السينما وسيلة استثمار مثلها مثل أي وسيلة إعلامية سبق لنا أن استثمرنا في فيها ونجحنا كثيراً. وتمثلت المهرجانات السينمائية السعودية بخلق فرص تواصل بين الجمهور وصناعة فرص وظيفية بالإضافة لخلق بيئة تهدف لجذب الجمهور، وتغيير المفاهيم، وزيادة الثقافة والمعرفة والفكر، والأهم تقديم رسالة هامة سواء للمجتمعات التي تنتمي للسينما التي أنتجت في نفس البلد أو للثقافات الأخرى، إذ إنه من المعروف أن المهرجانات السينمائية تستخدم في العديد من الدول كأحد أهم الوسائل الترفيهية لتغيير المجتمع أو للتسويق لفكرة ما، والأهم تغيير صورة نمطية يتناولها الآخرين عن بلدك أو ثقافتك. في السنوات الأخيرة بدأت السينما السعودية تعي ذلك، ونرى هناك نضجاً أكثر سواء من المؤسسات أو من الأفراد حول مسؤولية السينما بتقديم مضمون هام يعكس الثقافة والوجه الحقيقي للسعودية من الناحية الفكرية أو البشرية.