عرف البشرية الختان قديماً قبل دخول الإسلام، ثم استقرت بوصفها من الأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية، فتجرى للبنات والأولاد، على الرغم من خطورتها النفسية والجسدية على الفتاة، فهي ضرب من ضروب التعذيب، فضلاً عن تشويهها الجهاز التناسلي عند المرأة، وتسببها في أضرار نفسية بالغة. يؤكد د. علاء فهمي استشاري أمراض النساء والولادة ل(الجزيرة) أن ختان الإناث جريمة في حق المرأة وتجربة مؤلمة تمر على الفتاة فهي خلقت كاملة الجسد والأحاسيس وهي ليست بحاجة لهذا التشويه، ولا يوجد أي توجيه ديني أو طبي يدل على لزوم ذلك، كما أنه تترتب على هذه الجريمة أضرار تنعكس على المحيطين بالفتاة وأولهم الزوج والأولاد حين تكبر وتصبح زوجة وأماً. أضرار بالجملة ويضيف د. فهمي أن هذه الجريمة تحرم المرأة من التمتع بأشياء كثيرة وتُشكّل عائقاً نفسياً بينها وبين زوجها لفقدها الشعور بالعملية الجنسية وذلك لتشوه أعضائها التناسلية والألم الذي تشعر به كما يتسبب لها أيضاً في مشاكل نفسية تشتمل على أضرارا كثيرة «منها: العجز الجنسي وهو عدم قدرة المرأة على التواصل مع زوجها أثناء المعاشرة الزوجية، بالإضافة إلى نقص الخصوبة التي قد تصل للعقم أحيانا، كما تحدث لبعض الحالات مضاعفات أثناء الولادة قد تصل لوفاة الأم مع احتمال وفاة المولود أيضاً نتيجة لتكوين النسيج الليفي غير المرن الذي يعمل على تأخير نزول رأس الجنين أثناء الولادة وقد يتمزق مما يؤدي إلى نزيف حاد أو ناسور مهبلي بولي أو مهبلي شرجي كذلك حدوث آلام شديدة فترة الدورة الشهرية أكثر عن المعدل الطبيعي، وتكرار الالتهابات في مجرى البول وتسريبه دون الشعور به. أيضاً يتسبب الختان في الإصابة بالتكيسات الجلدية والصديد والالتهابات الدائمة بالجلد حتى تصل للأعضاء المجاورة، بالإضافة إلى التلوث والالتهابات نتيجة استخدام أدوات ملوثة تتسبب في الالتهاب الكبدي الوبائي, والإيدز, والتيتانوس والتهاب الجهاز البولي التناسلي كما تؤدي إلى العقم، فضلاً عن الالتهابات المزمنة التي تؤدي إلى تكوين نسيج ليفي غير مرن يضيق فتحة المهبل، وآلام أسفل الظهر. عدم الحاجة للختان ويشير د. فهمي إلى أن «من يعتقد أن الطهارة مبرر لهذه الجريمة فجهاز المرأة التناسلي ليس بحاجة للختان وهناك حقائق علمية معروفة عن الجهاز التناسلي الأنثوي منها: أن مهبل المرأة يوجد به بكتيريا غير ضارة ومهما استخدمت المرأة من مطهرات تظل هناك كميات كبيرة منها وهي مفيدة لمنع دخول البكتيريا الأخرى المسببة للالتهابات ومن أشهر أنواع هذه البكتيريا (بكتيريا اللاكتوباسيلاي) وهي موجودة في الزبادي أيضاً، كما تساعد الإفرازات في التخلص من الخلايا الميتة والمياه الزائدة والبكتيريا وذلك يرجع إلى حكمة من الله سبحانه وتعالى. مشاكل نفسية ومن جهة أخرى يضيف د. أحمد يحيى الرخاوي أخصائي الأمراض النفسية والعصبية أنه مر عليه الكثير من هذه الحالات وأنها جريمة بشعة يجب أن يحاسب عليها القانون لأنها تصل إلى مشاكل نفسية وجسدية ومن الممكن أن تؤدي إلى الوفاة حيث يوجد بعض الحالات تظهر عليها أعراض مرضية جسدية نتيجة لاختلال وظائف المخ إلى جانب ذلك يعرض ختان الإناث المرأة لمجموعة من المشاكل النفسية وهي: «الاكتئاب والقلق، وحدة الطبع وسرعة الغضب، وتؤدي حالة الآلام الهائلة التي تتعرض لها الفتاة إلى تهيج الجلد من شدة الحساسية أثناء إجراء عملية الختان بتخدير أو من دون التخدير لأن هذه المنطقة قريبة من أعضائها الجنسية وتصل هذه الحالة في بعض الأحيان إلى نوع من الهستريا العصبية». كما أن هناك أضراراً جسدية تحدث نتيجة للنزيف الناشئ من احتواء هذه الأنسجة على الكثير من الأوعية الدموية، الألم نتيجة احتواء هذه الأنسجة على الكثير من الالتهابات العصبية، والصدمة النفسية لإجراء هذه العملية في أغلب الأحيان في مرحلة عمرية حساسة، والخوف من الزواج حيث تعد ذكرى مؤلمة تسبب للفتاة الرهبة والخوف». ضحايا الختان والتقينا عدداً من الحالات التي عانت آثار الختان، فقالت (م.ع)، زوجة منذ 12 عاما وربة منزل عمرها 29 عاماً ولديها ولدان وبنت: «بدأت حكايتي مع الختان وكان عمري 8 سنوات تقريباً وأختي خمس سنوات فهو موضوع مؤلم تسبب لي في تعب شديد جسدياً ونفسياً وهي من أسوأ الذكريات التي مرت علي منذ دخول الممرضة التي أعطت لي ولأختي حقنة بنج شعرت بألم رهيب ثم كبرت وتزوجت وعانيت كثيراً مع زوجي خاصة في أول يوم زواج وكثيراً كنت أتهرب منه لأن الموضوع له آثار نفسية سيئة، أيضاً وبالرغم من ولادتي قيصرية لكن الألم متواجد وقت النفاس وكانت أكبر غلطة أمي فعلتها في حقي وحق أختي ولن أكررها مع ابنتي». وتقول مروة حسين، طالبة جامعية: «أنا فتاة مخطوبة عندي 23 سنة وكان يوم الختان من أصعب الأيام التي مرت بحياتي وتركت بداخلي أثراً كبيراً من الخوف والرعب حيث تمت عملية الختان وكان عندي 6 سنوات وعلى غفلة من دون تنبيه من أهلي وإلى الآن لن أنسى ما فعلوا بي كما أني بقيت فوق خمس سنوات متأثرة نفسياً من أمي وأبي وأتجنبهما تماماً لأن الجرح كان شديداً وصعب الالتئام لكن الأصعب هو أمراض ومشاكل ما بعد العملية بفترة، أولها الالتهابات التي أعاني منها حتى الآن من التبول اللا إرادي وآلام الظهر والتشوه وآلام الدورة الشهرية وبالرغم من أنني مخطوبة لكني خائفة من الزواج تماماً. وتشير د. سناء البدري أستاذ مساعد بكلية طب أسنان إلى أنها عانت من مضاعفات نتيجة الختان لكن بعض صديقاتها تعرضن لأصعب أشكال الختان وما زلن يعانين من أعراض جانبية قائلة: لقد بدأت المضاعفات في الظهور وقت البلوغ في سن الحيض بآلام شديدة لأن نزول الحيض لا يتم بسهولة وازداد الطين بلة لحظة الولادة لأنه يعيد الجرح مرة أخرى. كما أضافت أن الكثير من النساء ما زلن يعتقدن أن الختان أمر ضروري للفتاة وهي من أخطر العمليات. وتقول إيمان مصطفى البالغة من العمر 41 عاما (غير متزوجة): «من لحظة ختاني بدأت أقابل مشاكل كثيرة جدا في حياتي بدءاً من سن البلوغ منها ضعف في شخصيتي وضعف جسدي وما زلت أقابل مشاكل من تلك العملية البشعة وهي من أهم أسباب رفضي للزواج»، ناصحة جميع الآباء والبنات بالابتعاد عن فكرة الختان لأنها تسبب مشاكل كثيرة للبنات فيما بعد وتترك لهن آثاراً خطيرة في نفسيتهن بل من الممكن أن تؤدي إلى عقدة نفسية مثل ما حدث لي وهو العزلة عن الناس. وتقول يسرا أحمد، ربة منزل 35 عاماً متزوجة ولديها ابن: «أنا رافضة الإنجاب مرة أخرى لشدة الألم التي عانيت منه أثناء الولادة السابقة لأنني كنت بين الحياة والموت كما تعرضت لمأساة يوم دخلتي تسببت لي في نزيف حاد وقضيت ليلة الدخلة في المستشفى وكل هذا بسبب الختان وهو من وجهة نظري جريمة في حقنا كسيدات لأن جرحها شديد ومستمر غير الحالة النفسية التي نتعرض لها والمشاكل الزوجية التي نواجهها بسبب هذه العملية».