من جديد أتساءل: لماذا لا تترك هيئة الرياضة الأندية تصحح أخطاءها وتعالج مشاكلها وأزماتها بنفسها؟ لماذا تدعم وتتدخل في شؤون الأندية الأقوى والأكبر والأكثر ضجيجاً وتتجاهل الضعيفة والمحدودة في إمكاناتها ونفوذها؟ أين هي من تنظيم وتفعيل دور الجمعيات العمومية للأندية؟ خصوصاً أن هذه الأخيرة هي القادرة والمؤهلة، بل الجهة المسؤولة عن مراقبة ومحاسبة ومراجعة وأيضاً معالجة كل الإجراءات والقرارات المالية والإدارية من قبل مجالس إدارات الأندية؟ لو أخذنا ما يحدث في نادي الاتحاد مثالاً على ذلك لرأينا أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب سابقاً وهيئة الرياضة حالياً لم تقدّم للنادي حلاً شافياً حاسماً لمشاكله وقضاياه المتراكمة بقدر ما ساهمت في تعقيدها من حيث أرادت مساعدته لسبب بسيط وهو أن ملف ديون الاتحاد الشائك مرتبط بأسماء وتعاقدات وإدارات متعاقبة على النادي خلال السنوات الماضية وبالتالي لا تستطيع محاسبة ومعاقبة أي مسؤول طالما لم تثبت عليه إدانة صريحة بالسرقة أو الرشوة، وأن كل ما جرى ويجري في نادي الاتحاد أو غيره من الأندية هو عبارة عن اجتهادات وربما إسراف وتبذير في الإنفاق وإبرام العقود، وهذه في مفهوم إدارات الأندية المتطوعة لا تعد مخالفة تستوجب العقوبة. هيئة الرياضة ليست معنية بإنقاذ الاتحاد أو الهلال أو النصر أو أي ناد آخر من نتائج ديونه وسوء إدارته أو حتى من قرارات دولية تقضي بهبوطه لدوري الدرجة الأولى، مثلما أن اتحاد الكرة ليس مسؤولاً عن تدهور فريق بسبب إخفاق إدارته وأجهزته ولاعبيه، هي معنية بإقرار وتعميم الأنظمة على الأندية وإلزامها بتطبيقها وعليها - أي الأندية- أن تتحمّل مسؤولية أخطائها وتجاوزاتها، ومثلما ذكرت كان من المفترض أن تطالب الهيئة إدارات الأندية بعقد جمعياتها في وقتها وبحسب ما تنص عليه اللوائح وعرض مختلف الهموم والقضايا وسائر الملفات في إطار أعضائها المعتمدين والمخولين بمراجعة ومناقشة كل التفاصيل وبالذات الميزانية السنوية والقوائم المالية، وإيجاد الحلول المناسبة لها في وقتها، بما في ذلك سحب الثقة من مجلس الإدارة في حالة ارتكابه لأية مخالفة مالية أو إجرائية تستوجب ذلك.. في هذا الشأن.. شدني وأعجبني مقترح من عضو المجلس التنفيذي لنادي التعاون والاسم المهم والفعَّال في الرياضة القصيمية عبدالعزيز الحميد يقول فيه:(أتمنى من هيئة الرياضة طلب ميزانية معتمدة من مراجع قانوني ومحضر لإثبات كافة الالتزامات المالية المترتبة على كل ناد وعمل تصنيف مالي للأندية).. وعلى الرغم من أن هذه المطالبة منصوص عليها ضمن جدول أعمال الجمعية العمومية العادية إلا أن أهمية ما ذكره الحميد تكمن في عمل تصنيف معلن وشفاف لكل الأندية يكشف موقف كل ناد وسلامة تدابيره وطريقة إدارته، ومن خلاله يتضح فارق الفكر الإداري بين ناد وآخر، وفيه كذلك إنصاف وتحفيز للأندية المنضبطة في إدارة شؤونها المالية والإدارية وانعكاس ذلك على تطورها ونتائجها كروياً واستقرارها إدارياً وشرفياً، الأمر الذي رأيناه بوضوح في مستويات ونتائج التعاون وتفوّقه على أندية أخرى أنفقت مئات الملايين وعليها ديون مماثلة أغرقتها وورطتها في متاهات ستعاني منها طويلاً دون أن تحقق إنجازات تليق بمكانتها وعراقتها وطموحات جماهيرها وتوازي قيمة القليل مما أنفقته..! نكتة المدير! كتبت في مقال سابق بعد تأهل منتخبنا للتصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة لمونديال روسيا 2018م تحت عنوان (حلم الفرصة الأخيرة) عن ضرورة أن يستثمر اتحاد الكرة هذا التأهل لتحسين صورته والارتقاء بأدائه في السنة الأخيرة من فترة إدارته، لكن يبدو أنني كنت متفائلاً أكثر من اللازم، فالحلم تحول عند الإخوة في اتحاد الكرة إلى كابوس غير قادرين على التخلص منه، وإلا بماذا نفسر عجزه وانشغاله طيلة الشهرين الماضيين في البحث عن مدير إداري للمنتخب، وكأن الأخضر المتداعي لا ينقصه سوى هذا المدير، ولأجل ذلك وضع لأجل اختياره شروطاً علمية ومعرفية هي للتعجيز أقرب من أي شيء آخر.. صحيح لمدير المنتخب دور مهم لكنه لا يمثّل أولوية تستدعي كل هذا العناء والبحث والتقصي والأخذ والرد، على حساب المتطلبات والتجهيزات والاستعدادات الأخرى الفنية الأكثر تأثيراً على مشوار المنتخب في التصفيات المصيرية القادمة، زد على ذلك أن هذا الأمر سبب إرباكاً للاتحاد ولنا كجماهير ومتابعين ومحبين للأخضر في واحدة من أهم استحقاقاته، وفي تقديري أن الخطوة التي يجب أن تسبق اختيار المدير هي إقرار لائحة مهامه ومسؤولياته وصلاحياته، إلى جانب لائحة العقوبات الإدارية والانضباطية، لأن عمله بدون هذه وتلك سيكون بلا قيمة ولا معنى ولا حاجة لوجوده مهما كان اسمه ومؤهله وخبرته..