قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (57) سورة العنكبوت.. تلقيت مهاتفة من أخي الفاضل عباد الخشمان بأن أبو خشمان انتقل إلى رحمة الله بعد معاناة من المرض أخذني التفكير والتأمل في حال هذه الدنيا الفانية وما فيها من عبر ودروس ومواعظ وحزن وألم وفرح وسعادة. فقدنا أحد الرجال البررة؛ حيث كان رجلاً متواضعاً وملتزاماً وكريماً وبدأ واضحاً من جنازته التي شيعت من مسجد الراجحي إلى مقبرة النسيم مقدار حب الناس واحترامهم للفقيد، فقد انقضت الرياض بأعيانها ووجهائها ووفدت الوفود من مناطق المملكة في التشييع والسلام على أبنائه ما كان الناس يفعلون لولا أنهم يدركون استحقاقه لكل هذا التقدير والاحترام، فهنيئاً له بالمحبة والدعاء كان -رحمه الله- ذا سيرة عطرة يذكره بالخير والمحبة كل من تعامل معه في خلقه وتواضعه وتسامحه وطيبته وكرمه، بابه مفتوح لضيوفه يستقبل القادم إليه كبيرا وصغيرا عربياً أو عجمياً. لا تكاد الفرحة تسعه بقدوم الضيف لدرجة تشعر فيها أن الضيف صاحب البيت وأبو خشمان الضيف، وهو من مدرسة حاتم الطائي، فقد كان رحمه الله رجلاً كريماً واصلاً محباً لوطنه المملكة، موالياً لولاته مطيعاً لدولته، جندياً مخلصاً لدينه، وكما قال الشاعر: لقد صدق من قال (الكرماء هم سادات الدنيا)؛ فالكريم محبوب ومكرم حيث حل أو سار، تلذ الأسماع لذكره وصوته وتأنس الأبصار لرؤيته وهذه نعمة من الله. رحم الله فقيدنا رحمة واسعة؛ فقد رحل عن الدنيا بروحه وجسده وبقي منه الإرث والأثر إرث السيرة والسمعة العطرة والأثر الطيب في نفوس أبنائه ومحبيه ومجتمعه.. بقي أن أتوجه إلى أبناء الفقيد بهمسة صادقة: أعانكم الله على فقده وفراقه، كان بينكم مناراً مشعاً في مجلسكم، أعانكم الله على سد الفراغ الذي تركه. إنني وكل من عرفكم واثقون كل الثقة إن من رباهم أبو خشمان قادرون بمشيئة الله على إحياء ذكره وإقامة مجلسه؛ فأنتم أهل لها دون ريب، والقلم لا يستطيع أن يعدد خصال رجل كريم، ولكن قلمي أبى إلا أن يشارك في ذكر مزايا رجل بمكانة أبو خشمان في قلوبنا وقلوب كل من عرفه عن قرب. رحم الله أبو خشمان وأسكنه فسيح جناته، وربط على قلوب أسرته وكافة محبيه الكثر.