كشفت وزارة التعليم عن أولى خطواتها لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 م والتي أقرها مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، بإطلاق برنامج لتدريب المعلمين والمعلمات في جامعات عالمية، وأعلنته عبر حسابها الرسمي على تويتر أول أمس متضمناً الشراكة مع الجامعات في الخارج، لبناء الخبرات والكفايات المهنية المتقدمة والانفتاح على الخبرات العالمية المميزة ومعايشتها، وبناء جسور التبادل المهني مع أفرادها وكياناتها بما يحقق مفهوم المجتمعات المهنية التعليمية ويوطن الخبرة لتحقيق النقلة النوعية التي حددتها الخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم العام بالمملكة. وعلى الرغم من أن حساب الوزارة لم يدلي بأي تفاصيل حول الجدول الزمني لبرنامج تدريب المعلمين والمعلمات في الخارج و لا آلية ومدد التدريب وضوابط القبول إلا أنه اكتفى بعبارة «التفاصيل قريباً» . شاغلو الوظائف التعليمية لم يفاجئهم القرار إذ سبق وأعلنت الوزارة في يناير من عام 2015م أنها بصدد تجهيز بوابة إلكترونية رسمية لتسجيل المعلمين والمعلمات الراغبين بالتدريب في عدد من الدول المتقدمة، لمدة 5 سنوات وذلك بواقع 5 الآف معلم ومعلمه سنوياً ليصبح اجمالي المستفيدين من البرنامج نحو 25 ألف من شاغلي الوظائف التعليمية. ويرى مراقبون أن ملف «المعلمين» من الملفات الساخنة التي تتعامل معه الوزارة بحذر منذ سنوات نظراً لأعدادهم الكبيرة ومطالبهم القديمة والتي يتصدرها تحسين درجاتهم في سلك التعليم الوظيفي منذ سنوات، وتقليص سنوات الغربة بتحقيق رغباتهم في حركة النقل الخارجي التي يتقدمون إليها كل عام، فمنذ غادر وزير التعليم الأسبق عزام الدخيل صاحب شعار «مع المعلم» وتسلم د. أحمد العيسى وزارة التعليم في 11 ديسمبر 2015م والمعلمون والمعلمات بكافة شرائحهم يترقبون حراكاً إيجابياً تدفع به وزارتهم في اتجاه تحسين المستويات التعليمية، وشمول معظم المعلمين في حركة النقل الخارجي، وإقرار التأمين الصحي، ورفع مكانتهم الاجتماعية، وهي ذات القضايا التي تواجه كل وزير يستلم كرسي التعليم . وزير التعليم د. العيسى أكد خلال كلمته في منتدى التنافسية الدولي بالرياض بعد أشهر من توليه المنصب أن وزارته تعمل من خلال ثلاثة توجهات أساسية لإصلاح منظومة التعليم، أولها اعتبار التعليم بكل مستوياته ثروة الوطن الأساسية، وأنه الأداة الرئيسة لتطوير جميع مناحي الحياة واللحاق بالدول المتقدمة، والتحول إلى مجتمع المعرفة، وثانيها أن رفع جودة التعليم سيعزز الاقتصاد الوطني على النمو المستدام، وسيزيد في الناتج المحلي بنِسَب كبيرة وسيقلل البطالة، وثالثها التركيز على ضرورة إعادة الاعتبار إلى مهنة التعليم، وتخصيص نسب كبيرة من جهود تطوير التعليم في إعداد المعلم واختياره وتدريبه وتحفيزه وتقويمه وزيادة ولائه وانتمائه للمهنة. وهو ما دفع الوزير العيسى لتشكيل لجنة «تفعيل قيمة مهنة التعليم» برئاسته وذلك بهدف تعزيز مكانة المعلم وتجويد العمل التربوي والتعليمي، لتحقيق إنتاجية فاعلة تسهم في تحقيق تنمية مستدامة. مجالات تفعيل قيمة التعليم تضمنت السياسات والتنظيمات، وخطط وبرامج دعم المعلم ورفع معنوياته وتعزيز أدواره ورسالته السامية في المجتمع، وإيجاد مزيد من الامتيازات للمعلم بما يحقق تحفيزه وتكريمه وتنميته وبما يحفظ حقوقه وواجباته. تلك المساعي لم تقنع الوزير العيسى فطالب اللجنة بتقديم تصورات واقعية حول آليات تحسين الخدمات المقدمة للمعلمين والمعلمات على مستوى الهيئة التعليمية والاجتماعية، بما يؤدي لرفع معنوياتهم وتعزيز أدوارهم التربوية والتعليمية، ودور الإعلام في إبراز الدور الحقيقي الذي يؤديه المعلم والمعلمة تجاه أبناء الوطن، بما يكفل صيانة حقوقه وواجباته ويعزز مكانته الاجتماعية، وإعداد المعلم والمعلمة في مؤسسات التعليم الجامعي التربوية بما يتناسب مع دوره الفعلي في المنظومة التعليمية، بدءاً من الاختبارات وانتهاء بالتعيين، والتطوير المهني للمعلمين والمعلمات على رأس العمل، بما يسهم في تجويد ممارسات التعليم والتعلم، إضافة إلى تحديث الأنظمة واللوائح والبرامج والمشاريع التعليمية المطورة للعمل التعليمي، بما يتناسب مع المستجدات الحديثة والتطورات التقنية المتسارعة، و مسارات التخطيط الوظيفي والمهني تجاه تحسين الممارسات المهنية ورفع مستوى الرضا الوظيفي لدى المعلمين والمعلمات. وذكرت مصادر ل«الجزيرة» أن البرنامج الذي ستكشف عنه الوزارة قريباً سيحتوي على مهارات لغوية ذات معايير قياسية، وتدريبي مهني «تدريب ومعايشة في المدارس»، إضافة إلى وجود برامج داعمة كالدراسات العليا للمرشحين المميزين، وأن جامعات التدريب ستكون في دول مثل أمريكا وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزلندا وفنلندا وسنغافورة وغيرها . توقعات المراقبين والمختصين في الشأن الاقتصادي والتعليمي باتت أكثر قرباً للواقع فرؤية المملكة 2030 م ركزت على التوسع في الخصخصة والارتقاء بمؤشر رأس المال الاجتماعي من المرتبة 26 إلى المرتبة 10 لكافة أجهزة الدولة وهو ما يعول عليه في التعليم ليكون نافذة أمل ينفذ من خلالها 500 ألف معلم ومعلمة لتعليم يعزز الاقتصاد الوطني، مشيرين إلى ضرورة أن تواصل الدولة الاستثمار في التعليم وتدريب وتأهيل المعلمين والقيادات التربوية للمرحلة المقبلة، في توجه عام للدولة كشفه برنامج التحول الوطني يستهدف تدريب أكثر من 500 ألف من موظفي القطاعات الحكومية «عن بعد» وتأهيلهم تأهباً لتطبيق برنامج الملك سلمان للموارد البشرية في جميع أجهزة الدولة بحلول عام 2020م. ومع توجه الرؤية 2030 توقع خبراء وتربويون أن لا تحتاج وزارة التعليم إلى (500) عام لتدريب معلميها في الخارج، إذ يبدوا أن تدريب المعلمين ورفع كفاءاتهم ومهاراتهم لم يعد أمراً صعباً في ظل التوجه إلى خصخصة التعليم، وخلق فرص استثمارية لمواءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع احتياجات سوق العمل متوقعين أن يلقي برنامج التحول الوطني، ومراجعة الأنظمة، ورأس المال البشري، وبرنامج التوسع في التخصيص، والشراكات الاستراتيجية، بظلالها على العملية التعليمية بشكل مباشر، وباعتبار أن قطاع التعليم هو الأبرز بين القطاعات التي يتوقع أن يطرأ عليه تغييرات جذرية كهيكلة التعليم، ومنح الإدارات التعليمية استقلالية إدارية وتنفيذية ومالية، بتخصيص موازانات مستقلة لها وبإشراف مجالس تعليم محلية، وتقديم ميزات مالية وخدمات صحية ومهنية للمعلمين، مع تطوير برامج إعداد المعلمين في الكليات والجامعات.