لقد اطلعت على مقابلة صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقابلته الخاصة مع العربية، حيث إن رسالته التي قدمها رسالة فكرية حضارية تنموية إنتاجية بل أنها نقلة نوعية في عهد المملكة العربية السعودية وما جاء به حين قال: (إن الملك عبد العزيز قاد المملكة العربية السعودية بدون نفط وتحدى الاستعمار البريطاني) رسالة واضحة بأن المادة ليست ثروة للبقاء، كذلك أكد سموه حين قال: (إنه أصبح اليوم كأن أرامكو دستورنا - القرآن والسنة ثم البترول) وهي رسالة ثانية تؤكد أن وجه التفريق هو أن المادة ليست ثروة للوجود حيث إنه أكد على خطورتها بالتعلق بها والاكتفاء بغيرها، وأكد على أن المملكة العربية السعودية وشعبها يستطيعون العيش بدون نفط، كما أشير إلى أن الحضارة التاريخية والإسلامية التي نعيشها مصدرا من مصادر القوة لدينا ولم تُستغل كما يجب. ورسالته بصراحة وبعيدا عن المجاملات هي رسالة وطنية يجب أن تُتخذ بالتنفيذ المباشر، وقد كتبت مقالا قديما بعنوان: (ماذا بعد النفط..!) ووضحت فيه أن على أفراد المجتمع السعودي أن يباشر بالأخذ بمدخلات جديدة للمجتمع وعدم الاكتفاء بالدخل الثابت ألا وهو النفط، فإن لكل منتج مراحله الأربعة الانطلاق ثم النمو ثم الاستقرار ثم الموت. وما تقدم به سمو الأمير محمد بن سلمان هو النقلة النوعية من الاتكال إلى الاعتدال بمعنى أن مرحلة الاستقرار التي نعيشها اليوم اقتصاديا لا تبقي على حالها وأكد على خطورتها بينما وجد الحل بتنوع مصادر الدخل وهذا هو الفكر الإيجابي الذي نحتاجه في ساحة المجتمع، كما أنه أشار إلى ثلاث مناطق للقوة في تنوع مصادر الدخل ولم تستغل وهي: الإرث الإسلامي والعربي بأنواعه والقوة الاستثمارية بالصندوق السيادي السعودي والموقع الجغرافي للمملكة، وكل هذه المراكز الثلاثة لم تستغل وإشارته عليها فيه بصيص أمل ونظرةٌ ثاقبة لتنوع المدخلات وتنشيط المخرجات. ولا يسعني إلا أن أشكر سمو الأمير محمد بن سلمان على هذه الرؤية المستقبلية التي سيكون لها أثرا محليا ودوليا، كما أن هذه الرؤية تحتاج لدعم من المواطن بفكره ومخرجاته العلمية والمشاركة في استغلال نقاط القوة لديه وتنميتها لصالح مجتمعه، كما أن البحث على العمل بالمكاتب وتحت التكييف يجب أن يتوقف ويحل محله النزول لساحة الميدان الصناعي والتجاري لخدمة الرؤية ولنجاحها وتحويل الطلب الإسعافي إلى طلب وجودي بمعني بدلا من شراء المنتجات من الأسواق العالمية يجب أن تكون محلا وواقع موجودا بالأسواق المحلية وعدم الاكتفاء بذلك وإنما يجب أن نكون دولة مصدرة لمجموعة من المنتجات الفكرية والصناعية والحيوية والمعدنية وغيرها. كما أن الداء الفتاك الذي يهدم كل هذه الإطلالات (الفساد) فأشار سمو الأمير أن الفساد لازال موجودا وبنسب متفاوتة، كما أشير أن أساس نجاح هذه الرؤية _ مكافحة الفساد بأنواعه والمواطن والموظف والمقيم مسئولا أمام الله عز وجل، ومحاربته بالمعنى الصحيح ثمرة لنجاح أي حضارة اقتصادية تنموية.