حقق النادي الأهلي بطولة الدوري السعودي الثالثة في تاريخه بكل جدارة واستحقاق، منهياً تلك القطيعة التي لازمته لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن. تميّز الأهلي دورياً كان ملموساً وواضحاً، وكان العمل موازياً ومتسقاً مع الهدف الحلم وهو اللقب الغالي. الأهلي الذي واجه تقلّبات الموسم ومطباته المعتادة بكل حكمة وتركيز، جعل البطولة تأتي له قانعة بأنها ذاهبة لمن يستحقها بعد أن قدّم مهرها الحقيقي. الأهلي عندما بدأت تدب بعض المشاكل والمنغصات في مسيرة تحقيق اللقب، بحث عن سببها ووجدها إدارية بحتة وبالذات في منصب مدير الفريق. لم يكابر، ولم يجدد الثقة في مَن لا يقدر على تقديم ما تطمح له الإدارة، فانتدب فوراً الخبير طارق كيال ليذيب كل معوقات تحقيق الحلم، فكان له ما أراد. الأهلي عندما تذمر بعض لاعبيه من طريقة المدرب أو اختياراته في التشكيل، لم يسارع في إيقاف وإبعاد بعض أسلحته التي يحتاجها كاملة تحت ذريعة الانضباطية المضللة والانتقائية، ليواصل سعيه الحثيث لتحقيق الحلم، فكان له ما أراد. على النقيض تماماً، كان منافس الأهلي المباشر على اللقب نادي الهلال. ففي الهلال رفع شعار (يسقط الهلال) من داخل البيت الهلالي قبل أن يسعى منافسوه لإسقاطه، فكان للقائمين عليه ما أرادوا. (يسقط الهلال) عندما ترى إدارته إدارة كرة قدم هشة لا تستطيع ضبط أي أمر أو حل أي مشكلة طارئة قد تحدث خلال الموسم الطويل، وتستمر عليها ولا تدعمها بمن يصلح شأنها. (يسقط الهلال) عندما يتم الصمت عن عبث مدرب لم يستطع في الدور الثاني من بطولة الدوري سوى تحقيق 18 نقطة من أصل 33 نقطة متاحة. (يسقط الهلال) عندما يتم تجريده من أهم أسلحته الهجومية بسبب عناد مدرب وانتصاراً لأمر شخصي بينهما، ثم تقبل الإدارة من هذا المدرب المتعجرف عذر تضييع الفرص. (يسقط الهلال) عندما يتم التغاضي عن إبعاد كل من يبدع في الفريق عن القائمة الأساسية ليتم ترقيع المراكز بمن لا يجيد أداء أدوارها، فنرى الشلهوب والفرج محورين، والزوري وكريري قلبين للدفاع، وألميدا جناحاً، و إدواردو مهاجماً. في حين أن عبدالله عطيف وفيصل درويش لاعبي المحور، وناصر الشمراني هداف الدوري السعودي لخمس مرات، والجناح الشاب خالد كعبي، وعبدالكريم القحطاني نجم الأولمبي الأول لاعب الوسط الهجومي المتميّز صناعة وتهديفاً في الموسم الماضي (الذي تفضّل عليه الداهية باللعب في لقاءين وديين في مركز الظهير الأيمن!!) خارج اختيارات المدرب. (يسقط الهلال) عندما لا يتم سد عجز وحاجات الفريق في بعض المراكز بإشراك لاعبين من الفريق الأولمبي الذي يوشك على تحقيق لقب الدوري بفارق مريح عن أقرب منافسيه. ويتوقف ضخ المواهب الشابة المتعطشة لوضع بصمة مبكرة في الملعب وفي أذهان الجماهير، ويتم في المقابل الاعتماد على من ثبت فشلهم. (يسقط الهلال) عندما يفقد جمهوره ثقته بالفريق. ويتكرر الخذلان في كل محكٍ حقيقي ولقاء مفصلي. وعندما يفقدون بذلك الجرأة على المراهنة عليه. (يسقط الهلال) عندما تتسرّب لنفوس الهلاليين أن شعار الهلال وحده قادر على تحقيق الألقاب والبطولات دون أن تملك مدرباً كبيراً وأفضل لاعبي الدوري بأكمله. فيتبعون درب جارهم الذي أسقطته لفترة طويلة من الزمن عبارة مخدرة لا تصلح سوى للاستهلاك الإعلامي (النصر بمن حضر)، وما زالت آثارها عالقة في مسيرة فارس نجد إلى يومنا هذا. (يسقط الهلال) عندما يرتضي لنفسه أن يتحوّل من بطل لمجرد منافس، وأن يقارن نفسه بغيره من الأندية التي ترتضي لأنفسها الفرح (لسويعات) لتغيب دهوراً بعد ذلك قانعة بما تحقق سابقاً. فمن احتفل بكل جدارة بلقبه الثالث دورياً قبل يومين، حققه على حساب من كان يبحث عن لقبه الرابع عشر! (يسقط الهلال) عندما لا يضع برشلونة وريال مدريد ويوفنتوس وبايرن ميونخ والأهلي المصري أمثلة عليا له في كيفية منافسة المنجز السابق قبل منافسة منافسيهم. فأن تكون زعيماً في بلدك، فيجب عليك العمل على تحقيق كل شيء قولاً وفعلاً، وتستطيع كنتيجة لتلك القناعة الراسخة أن تستحوذ على جلّ ما يمكن الاستحواذ عليه إن لم يكن كله. سقط الهلال فعلاً هذا الموسم في البطولة الأهم والتي تثبت فعلاً من هو الفريق الأقوى بسبب صمت إدارته عن عبث مدرب اعتذر عشرات المرات عن أخطائه ولم يصحح منها شيئاً، وتفنن في تقديم كل ما يمكن تقديمه من أعذار شملت كل شيء لستر عورته التدريبية لا أكثر. فإذا كانت إدارة الهلال ترفع شعار (إن لم نستمع للجماهير، فلمن نستمع؟) فمن الأحرى أن يكون مدربها الآن في أثينا، ومن ثبت تخاذلهم خارج التشكيلة الأساسية مع عقوبات حقيقية معلنة لكي لا يجتمع في قلوب جماهيرها حسرة ضياع اللقب مع انعدام الثقة في تصريحاتها. خاتمة... النجاح كعلم الكيمياء، إذا كانت الظروف مواتية فستكون النتائج حتمية. (حكمة)