الانقلابيون في اليمن فشلوا، وكلفت مغامرتهم الانقلابية باليمن المنهك كثيراً من الكوارث الإنسانية والمادية، وكان رهانهم حين بدأوا الانقلاب رهاناً مجنوناً أحمقاً، فكانت توقعاتهم أن المملكة ودول التحالف العربي ستتخذ موقف الحياد ولن تلجأ إلى القوة العسكرية، إضافة إلى أن ارتماءهم في الأحضان الفارسية، وتحالف المخلوع صالح بالحوثيين، كان هو الذي اضطر المملكة إلى هذا المبادرة، فمهما كانت الخسائر فإن المملكة ودول الخليج لن تقبل أن ينتهك أمنها الوطني من خاصرتها. والسؤال الذي يطرحه السياق، وقوات التحالف على مشارف صنعاء، هل اقتنع صالح والحوثيون، أن الفرس أجبن من أن يحاربوا بأنفسهم، وأن حلفهم معهم لم يخلصهم من الكارثة التي تقترب إليهم مع كل صبح يوم جديد؟ أي يمني في ذهنه ولو جزء من عقل لا بد وأن يسأل نفسه، سؤالاً بسيطاً ومباشراً، مؤداه: لماذا تركتنا إيران وحيدين في الحرب، ولم تساندنا إلا بالجعجعة الإعلامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟ .. إيران بعد حربها مع صدام، تلقت درساً مريراً بألا تقاتل، وإنما تستأجر من يقاتل لحسابها. لذلك أسعفت عميلها بشار الأسد بميليشيات عراقية ولبنانية وأفغانية وباكستانية، ثم وقفت تتفرج، لتقطف الثمار، غير أن ميليشياتها المستأجرة كانت أوهى من بيت العنكبوت، فقرر بشار الأسد أن يستنجد بالروس عندما تكشف له أن الفرس لا يملكون إلا الجعجعة، وأن الثوار يحكمون الطوق عليه؛ وليس لدي أدنى شك أن اليمنيين يشعرون بخيبة أمل، وهم يرون الفرس لم ينجدوهم ولو حتى بميليشيات مستأجرة، ما يجعل اليمنيين الآن يصلون إلى ما وصل إليه بشار حين شد رحاله إلى موسكو، طالباً العون والمساندة. مناصرو إيران في اليمن قبل مناوئيهم، لا بد وأنهم يشعرون بكراهية وبغضاء للفرس، أشد وأعمق من العرب الآخرين، فالذين أغروهم بالانقلاب، ووعدوهم بدعمهم عسكرياً مهما كانت العواقب، هاهم يتخلون عنهم وعن نصرتهم، ويكتفون بالنصرة الإعلامية، عبر أبواقهم العربية المستأجرة، أما على الصعيد الدبلوماسي في المحافل الدولية، فهم أضعف وأوهن وأقل حضوراً، وأنا على يقين لا يخالجه شك، أن اليمنيين، ممن عانوا من الحرب التي جلبها لهم الانقلابيون، ستترسخ كراهيتهم لدولة الملالي وتتجذّر، أكثر من أي شعب عربي آخر؛ فهم من دفعوا الثمن غالياً بظنهم أن حلفهم مع إيران سيكون لهم عوناً وحماية، إذا ما تفاقمت الأوضاع، غير أن الأوضاع حينما تفاقمت، تركوهم يواجهون مصيرهم منفردين. وليس لدي أدنى شك أن بشار الآن يعض أصابع الندم، حين ارتمى في الأحضان الفارسية، وترك شعبه، وترك العرب، فقد اتضح له أن الحليف الذي يستأجر آخرين ليقاتلوا عنه، لا يمكن أن يكون حليفاً موثوقاً، والشعور ذاته يشعر به الحوثيون والمخلوع صالح، وهم يرون الفرس يقلبون لهم ظهر المجن، وهذا الشعور بالخيبة بدأت جذوته تشتعل في العراق، وهم يرون أن الذي نصرهم على الدواعش كان الغطاء الجوي الأمريكي، وليس الإيرانيون، وأن الفساد المالي والإداري والسياسي، كان سببه الإيرانيون، الذي مهدوا لانتشاره، ليتسنى لهم حكم العراق من خلال فساد الحكومة، فكادت هذه الحكومة الفاسدة المنهكة أن تأخذها (داعش) على حين غرة؛ وسيأتي حتماً دور اللبنانيين، حين تمتد الحرب الأهلية في سوريا إلى الأراضي اللبنانية، ولن يتدخل الروس، لأن نصرتهم لحزب الله، سيثير حفيظة الإسرائيليين. وختاماً أقول: كل مشاريع إيران التوسعية، وتمددها في المنطقة، مرشحة للانهيار، لأنها توسعات لا تسندها قوة عسكرية، وإنما مجرد جعجعات إعلامية. إلى اللقاء ..