تسعى الأمم وتجتهد وتنفق الأموال الطائلة على محاضن التربية والتعليم، إيماناً منها بثروة الحياة الحقيقية وركن الحضارة الأقوى وهم الأجيال، فالحضارة والرقي ليست في الماديات التي تفنى وتزول، بل هي قبل كل شيء في الإنسان نفسه. وفي أُمة (اقرأ) أمة الإسلام، يظهر دور القرآن العظيم جلياً في بناء الأجيال على منهج الوسط وميزان الاستقامة بفطرة سليمة وعقل وقاد مستنير بنور الوحي مستهد بهداه. إن رياض القرآن ليست مجرد تعليم للكتاب، بل هي بناء متين للنفس البشرية وتربية قويمة للمجتمعات والأمم، تتمثل فيها معاني العبودية الحقة وينطلق بها المؤمن في ميادين الحياة على صراط مستقيم، متمثلاً قوله تعالى: {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}. ومن دلائل عظمة هذا المحضن التربوي محضن تعلُّم القرآن الكريم وتعليمه ما نتج عنه من تبدل حال المسلمين في عصر النبوة عما كانوا عليه قبل نزول القرآن، فقد بدل الله بهذا الكتاب أحوالهم ، ورفع شأنهم ، وأقام نفوسهم وأخلاقهم حتى صاروا شهداء على الأمم ، وأنار الله بهم ومعهم الخافقين بنور هذا الكتاب، ولم يكن هذا التحول غريباً على جيل كان يأخذ الكتاب بقوة ويتعلم ما في القرآن من علم وعمل . إن حال الأمة اليوم يستلزم العودة الصادقة لمحضن الرعيل الأول، ولكتاب الله تعالى علماً وعملاً ومنهج حياة. إن جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الزلفي قد شقت طريقها منذ سنوات للأخذ بأيدي الناشئة إلى مرافئ السلامة وشواطئ الأمان، وذلك بتعليمهم كتاب الله عز وجل وإن جائزة الوالد فوزان الفهد - رحمه الله - قد شجعت البنين والبنات على مواصلة السير وحث الخطى في المسيرة المباركة، مسيرة تعلم القرآن وتعليمه وأثرها على الأبناء والبنات بحمد الله واضح جلي، نسأل الله أن يغفر ويرحم والدنا وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل. ومما أسعدنا في الاحتفال وهو الاحتفال السابع للجائزة، أن الحفل برعاية كريمة من معالي الشيخ صالح بن محمد الحيدان بارك الله في علمه وزاده توفيقاً وهدى.