المرأة الكاتبة بشفافيتها تستطيع أن تنقل لك شعوراً أو أن تجسد لك صورة لا يمكنك تخيلها لأنها وصفتها بطريقة تدار بها الحروف وترسم الصورة لتصل بك لكمال أجمل وصف. في القرن الحالي تطورت الرواية بشكل ملحوظ وبرزت أسماء نسائية عديدة في الأدب الإنجليزي والفرنسي والأمريكي وصولاً للعربي, ولكننا في خضم كل هذا لا يجب أن ننسى المرأة التي قادت حركة كتابة الرواية وأبدعت وكانت الرمز للعديد من كاتبات الوقت الحالي, من هذة الأسماء جين أوستن الكاتبة الإنجليزية (1775-1817). في رواياتها جسدت لنا جين الزوجة والحبيبة وتحدثت عن الأم وسيطرتها وهي التي لم تتزوج لإيمانها أن الزواج بلا حب لا يمكن أن يستمر. تحكي ابنة شقيقها أن عمتها جين همست في أذنها بعد أيام قليلة من خطوبتها لرجل ثري (كل شيء يمكن أن يحدث أي شيء يمكن أن يتحمله الإنسان إلا أن يتزوج بغير حب). جين أوستن تعتبر من أعظم أدباء الإنجليز بعد شكسبير كما قال عنها المؤرخ الكبير (مالاي), وقال عنها (والترالن) «أصبحت جين مقياساً ومرجعاً نعود إليها كلما أردنا أن نقيم أعمال المؤلفين المحدثين». من أهم روايات جين أوستن (العقل والعاطفة) وهي أول رواية نشرت لها تحت اسم مستعار (سيدة) عام 1811 وقد استخدمت القصة في السينما والتلفزيون عدة مرات. يليها رواية (كبرياء وتحامل) التي كتبت عام 1813 وهي تعتبر الأكثر شهرة من بين رواياتها وجمعت ما بين الرومانسية والكوميديا وناقشت فيها الأخلاق والتنشئة والفضيلة والتعليم والزواج في مجتمع ملاك الأراضي في أوائل القرن 19. تم تحويلها إلى أفلام ومسلسلات قصيرة و مسرحيات من ثلاثينات القرن الماضي إلى عام 2005. قالت عنها (انًا كويندلين) «رواية كبرياء وتحامل تحمل العنصر الذي تحمله بقية القصص العظيمة الأخرى وهي البحث عن الذات». تأتي رواية (إيما) بطابعها الكوميدي والرومانسي ونشرت عام 1815 لتسلط الضوء على مشاكل ومخاوف نساء الطبقة الغنية في العهد الجورجي. في أغسطس 1816 كتبت جين (الإقناع) التي نشرت بعد وفاتها 1818 وهي رواية مرتبطة برواية (كنيسة نورث هانجر) لأن كلا الروايتين تدور في (باث) المنطقة التي عاشت بها جين من عام 1801 إلى 1805. كل هذا الإبداع تركته لنا جين أوستن بعد أن غادرتنا وهي في الواحد والأربعين من عمرها لندرك أن الكاتب الحقيقي يكتب ليقرأ التاريخ له سنوات أطول من عمره. ندرك كلما تعرفنا أكثر على المرأة كأديبة أنها بشفافيتها وشعورها العميق قادرة على نقل واقع مجتمعها وحياة النساء فيه حتى لو لم تعش كل الأدوار, لذلك تعتبر جين أوستن مرآة للمرأة كما قال عنها الروائي والكاتب الإنجليزي وليام سومرست الذي يعتبر من أشهر كتاب القرن العشرين (لقد وجدت المرأة نفسها عندما ولدت جين). - بدرية الشمري