لم أستغرب تصرف لاعبي المنتخب الأول وليد باخشوين وسالم الدوسري ونايف هزازي؛ فهو امتداد لتجاوزات سابقة لعدد آخر من اللاعبين، لم يتخذ اتحاد الكرة بشأنها القرارات الحازمة التي تحفظ لشعار المنتخب كرامته وقيمته وشرف الدفاع عن ألوانه، كما أن اتحاد الكرة نفسه هو من شرعن وبدأ أولاً بهذه الفوضى وعدم احترام الأنظمة، عندما سمح للمدرب مارفيك بمتابعة مباريات الفرق السعودية في المسابقات المحلية والآسيوية، واختيار اللاعبين وأداء عمله وإشرافه من منزله هناك في هولندا.. قلتها وكررتها كثيرًا في مقالات سابقة، وطالبت غير مرة بضرورة أن يستفيد اتحاد الكرة من لوائح وأنظمة وطريقة إدارة الاتحادات الأخرى، سواء في شرق القارة كاليابان وكوريا وأستراليا أو في الدول القريبة منا، مثل الإمارات وقطر. فمن غير المعقول أن يقف الاتحاد عاجزًا عن اتخاذ العقوبة المناسبة لأخطاء وتجاوزات اللاعبين أثناء انضمامهم للمنتخب، كما حدث في مواقف سابقة، اعتمد فيها على الاجتهادات، وتأثر بسببها بالضغوطات، فجاءت العقوبات أقل بكثير من فداحة الأخطاء، أو أنها متناقضة ومتفاوتة بين لاعب وآخر، فكان من البديهي أن نرى اللامبالاة والتمادي من اللاعبين.. حين تصل مثل هذه الممارسات وتؤثر سلوكيًّا وفنيًّا على منتخبات الوطن فهذا يعني أننا أمام كارثة إدارية حقيقية، وإذا لم يسارع الاتحاد في إقرار اللوائح التنظيمية والانضباطية، ويحرص على الحزم والعدل في تطبيقها، فإن القادم سيكون لا محالة أسوأ وأقسى وأكثر ضررًا على المنتخب والكرة السعودية بوجه عام.. اتحاد الذهب وصائد الميداليات بهدوء، وبلا ضجيج أو تهويل أو تطبيل، حقق البطل السعودي ونجم المنتخب السعودي والهلال للكاراتيه عماد المالكي إنجازًا جديدًا للوطن، وله شخصيًّا، بتربعه على صدارة التصنيف العالمي للاتحاد الدولي لعام 2016م في وزن 60 كجم. هذا المنجز العالمي له معان ودلالات، من المفترض ألا تمر علينا كإعلاميين ومتابعين وأيضًا كمسؤولين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب واللجنة الأولمبية كما مرت إنجازاته وألقابه وبطولاته السابقة مرور الكرام، ودون الاحتفاء بها والإلمام بتفاصيلها وظروفها وأسباب تحقيقها للاستفادة منها في الألعاب والاتحادات والأندية الأخرى الغائبة والنائمة في سباتها العميق.. إذا كنا نلوم الكثير من الاتحادات على إخفاقاتها المعيبة المتتالية فإننا في المقابل مطالبون بأن نثني ونثمن وننصف نجاحات اتحاد الكاراتيه برئاسة الخلوق والمبدع لاعبًا وإداريًّا وقائدًا الدكتور إبراهيم القناص، مثلما فرحنا واحتفينا بإنجازات اتحادي ألعاب القوى وكرة اليد. والأهم أن نفهم ويفهم المسؤولون في الاتحادات الأخرى سر نجاح اتحاد الكاراتيه، وبراعة رئيسه، وتفوق إدارته، وتألق نجومه، ليس على الصعيد الخليجي والعربي فحسب بل القاري والعالمي.. شكرًا لنادي الهلال ولإدارة الأمير نواف بن سعد على اهتمامها وعنايتها ودعمها لرياضة الكاراتيه، ولإبرازها لهؤلاء النجوم. شكرًا للدكتور القناص ولزملائه في الاتحاد والأجهزة الفنية والإدارية. هنيئًا لهم ولنا وللوطن بالنجم الفذ وصائد الميداليات الذهبية العالمية عماد المالكي وللنجمين سعود البشير وعبدالهادي المالكي، ولكل نجم يخلص ويتفانى حبًّا وانتماء وتميزًا لرفعة اسم وشعار وطنه عاليًا في كل مجال وميدان.. أستاذ خنبقة! تألمت كثيرًًا وأنا أقرأ اللغة المتهورة والأفكار الرديئة والأسلوب الفج لأحدهم وهو يصف اتحاد الكرة بالمؤسسة الفاسدة، وأن الدوري «مبيوع» للفريق الأزرق. تألمت ليس بسبب مضمون ما كتب؛ فقد قيل مثله وأسوأ منه من إعلاميين رياضيين متعصبين، هم بالنسبة لي أقرب للمشجعين الرعاع من أي شيء آخر.. وإنما لأنه صادر من أستاذ جامعي، له اسمه ومكانته؛ ما يدل على أننا بالفعل نعاني من أزمة حادة في مستوى ثقافتنا، وكذلك في رؤيتنا وفهمنا واحترامنا للآخر.. الأخطر من هذا أن الأمر لا يتوقف فقط عند الصراعات والمناكفات الكروية بل يتعداها إلى حيث المخرجات التربوية والثقافية والعلمية المنتظرة من أستاذ جامعي بهذه العقلية، إضافة إلى تأثير أفكاره المتشنجة وغير المتزنة على الرأي العام باعتباره أحد الكتّاب المعروفين في المجال غير الرياضي. والغريب والمريب أن ما كتبه جاء تعليقًا على أحداث لقاء الاتحاد والوحدة، واتهامه أن الفريق الأزرق هو المستفيد من النتيجة فيه مغالطة كبرى واستهداف واضح لفريق الهلال، بينما لم يتطرق للأهلي المتصدر والمنافس التقليدي للاتحاد وأكثر المستفيدين من نتيجة المباراة، كما أنه بكلامه الاعتباطي هذا يقلل من شأن وجدارة فريق الوحدة، ويصادر عليه تفوقه..! الأكيد أنني لم أكن مهتمًا بالرد عليه لو أنه كتب رأيًا يمثل قناعاته، سواء في الرياضة أو غيرها، وإنما لكونه تخلى عن حساسية وأهمية موقعه وأدبيات صفته الأكاديمية والإعلامية، فدخل في الذمم، واستخدم مفردات مؤذية، لا تليق به ولا بوظيفته ولا بالجامعة التي ينتمي إليها؛ الأمر الذي يزيد من تأزيم واحتقان الوسط الرياضي، كما يكشف لنا حجم التعصب البغيض في التناول والتعامل مع أي شأن كروي، لدرجة أنه تغلغل وسيطر على عقول ورؤى أساتذة في الجامعات بعد أن كنا نستكثره ونستغربه من المشجعين في المدرجات.