يُعد التوثيق من أهم العوامل التي تساعد على حفظ قصائد الشاعر من كثير من عوامل السطو الأدبي من سرقة وضياع قصيدة، كما أنه من الأمور التي يستطيع من خلالها الشاعر حفظ قصيدته بالطريقة التي كتبها بعيدا عن التأويلات والمغالطات. ولا يخفى على الجميع أن السبب الأكبر لضياع قصائد بعض شعراء القرن الماضي وما قبله هو عدم توثيق قصائدهم كتابياً والاعتماد كليا على الرواية والحفظ في الصدور، والتي من الممكن افتقادها في أي لحظة ولأي طارئ فيفتقد المجتمع كنزا من كنوز الشعر لذلك السبب فيموت الشعر ويموت شاعره. كما أن بعض الشعراء يظن أن هذا العصر هو عصر التواصل الاجتماعي وهو الوسيلة المثلى لحفظ قصائدهم وهذا الأمر قد يقبله المتلقي ولكنه لن يدوم طويلا، كما أن بعضهم يردد أن عصر الورق والقراءة قد انتهى إلى غير رجعة وهذا الأمر عار من الصحة، فمن أهم الدلالات على بقاء الورق وأنه الوسيلة المثلى للقراءة في كل عصر وفي كل زمان ومكان (في الجو، في الأرض، على البحر) وهو ليس ممن يعتذر لصاحبه (تعذر الاتصال لعدم وجود شبكة)، لذلك تقام له المهرجانات الدولية كل عام في شتى أنحاء العالم ونلاحظ الإقبال الكبير فيها من خلال الزوار وحجم المبيعات. ولعل من الأمور التي دعت بعض الشعراء إلى الزعم بأن زمن القراءة في الورق قد انتهى هو جهلهم لأهمية التوثيق، ولو ركّز ذلك الشاعر فيما يدور حوله كل يوم في مجالس الشعر عند الحديث عن شاعر ما في الماضي وكثرة الاختلاف على بيت أو قصيدة له لأدرك في قرارة نفسه أهمية التوثيق، وقد يكون هناك سبب آخر يكمن في التطبيل من البيئة المحيطة في الشاعر عند استشارة الشاعر لهم، فيأتي الرد منهم بأنك الشاعر العلم الذي سجل التاريخ حروفه من ذهب فلا فائدة من حفظها في الورق، متغافلين عن أن الشاعر لو انتقل إلى رحمة الله، فلن يجد من يروي القصيدة بشكلها السليم الخالي من الشوائب من بعض من يحفظون الشعر ولا يفقهون معانيه فلا تصل رسالة الشاعر كما كان يريدها أن تصل، متناسين أيضاً أن التاريخ لا يحفظ إلا بصمة حبر خطها شاعرها على الورق وجمعها في ديوان يصبح مرجعا مهما لكل من يريد البحث عن قصائده. الذي أريد أن أوصله في هذه المقالة هو أنك أيها الشاعر إن لم تشرف أو تجتهد في طباعة ديوانك وإخراجه بالشكل المطلوب وحفظ حقوقك الشعرية وتوثيق تلك التجربة من العمر لتستفيد أجيالنا القادمة منها، فلن تجد من يجمعها أو يحفظها حتى الرواة الثقات سيختلفون على روايتها بالشكل الصحيح فجماهيرك متعطشة لقراءة نتاجك متى ما احتاجوا لذلك ومتى ما أرادوا الغوص في محيطك الشعري، بعيدا عن وسائل التواصل الحديثة والحل بين يديك الآن وأفعل ما يطيب لك.