أصيب قريب لي بجلطة فأدخل على إثرها لمستشفى خاص، عندما كشف عليه الاستشاري وشخّص الحالة، قال إن الحل بالقسطرة وإلا احتمال أن يتوفى، كان وقتها هذا القريب كبير في السن ومثله مثل الكثير من كبار السن يهمل الأدوية والعناية الصحية حتى تمكن منه الضغط والسكر، وكانت الموافقة على قرار عملية جراحية مثل القسطرة ليس بالقرار السهل وخصوصا مع اصرار الطبيب، تم نقل الرجل الى مستشفى الملك فيصل التخصصي رغم رفض الاستشاري إلا بعد توقيع إقرار من ابناء المريض بتحمل المسؤولية، وفور وصوله لمستشفى التخصصي حضر حوالي سبعة أطباء يزورونه بشكل يومي وبعد أسبوع قالوا لأبنائه، والدكم كبير وبه ضغط وسكر، والبنج والقسطرة خطر على حياته والحل أدويه مع ملاحظة.. وفعلاً هذا ما حدث، استمر على الأدوية وعاش بعدها عدة سنوات بدون مشاكل وبدون جراحة. ما أشبه جسد هذا القريب بسوق العمل اليوم وما أشبه قرار دكتور المستشفى الخاص بتصريحات بعض المسؤولين في وزارة العمل بأن سوق العمل مريض ويحتاح الى جراحة، كلمة أنتشر استخدامها في تصريحات الوزارة ولا اعتقد انهم يعون خطرها، يصرح بها المسؤول ليبرر بعض القرارات الخطيرة دون أدنى ضمان بأن التشخيص صحيح وأن الحل هو الحل الأمثل، نسي أن الجراحة هي آخر الحلول وأن العمليات الجراحية الخطيرة تحتاج فريق من الجراحين لهم خبرة وباع طويل ليس أكاديمياً فقط بل وعملياً، ومع هذا فإن احتمال موت المريض بسببها وارد. هذه الأيام ونحن بصدد أحد هذه العمليات الجراحية لسوق العمل والذي تبنته وزارة العمل و وافق عليه مجلس الشورى، هو تقليل ساعات عمل الوافد إلى 40 ساعة وإجازة يومين، وكأن الوافد سيقضي إجازة اليومين في التسوق بين المملكة والفيصلية، بينما الحقيقه أنه سيعمل عمل إضافي لدى الغير مما سيزيد دخله، فالعامل لم يأت للنزهة بل للعمل وجمع اكبر قدر من المال وهذا حقه، فهذا القرار في الحقيقه هو لزيادة دخل العامل الوافد، مما يعني زيادة التحويلات السنوية. هذا القرار سيكلف القطاع الخاص مبلغ 37 مليار كما ذكر مجلس الغرف، سيحملها القطاع الخاص فوراً على مشاريع الدولة وعلى المواطن، وفي الأخير لن يشجع على السعودة. وهذه العملية الجراحية مشابهة لعملية سابقة وهي فرض مبلغ 2400 ريال قيمة رخصة العمل بحجة رفع تكلفة العامل الوافد وذلك لتشجيع السعودة.. كلفنا هذا القرار حوالي 16 مليار سنوياً، والتي ما لبث أن حملها القطاع الخاص على مشاريع الدولة وعلى المواطن، ولم يكن هناك أي تأثير على السعودة. من قام بالجراحات الاقتصادية الخطيرة كان له فيها باع طويل وسجل من الإنجازات، لذا لا بد أن نسأل الجراح والذي أفنى حياته كموظف حكومي، ما هي مؤهلاتك وخبرتك في مثل هذه الجراحة للإقتصاد قبل أن تبدأ، وهل تشخيصك وقرارك صحيح أم لا، وهذا ليس للتقليل من قدره ولكن خوفاً على شركات توظف 1.2 مليون سعودي وتعتبر أكبر داعم لخلق الوظائف. من السهل، وبقرار واحد وخلال أشهر، أن نجعل شركة كبيرة توظف آلاف السعوديين أن تخرج من السوق لكننا سنحتاج سنوات عديدة أن نبني شركة بنفس الحجم.