أعلنت صحيفة الإيكونومست مؤخراً عن سبق صحفي لها تمثل في إجراء مقابلة خاصة مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد و وزير الدفاع تحدث فيها سموه عن العديد من المواضيع السياسية والإقتصادية المهمة، كان من بينها الإعلان عن وجود دراسة لطرح أسهم شركة أرامكو للاكتتاب العام، و بالتالي إدراج أسهم الشركة في أحد الأسواق المالية و التي قد تكون في السوق المالية السعودية (تداول)، و هو ما شكل مفاجأة مدوية في أوساط المال و الاعمال بالمملكة على إعتبار أن شركة أرامكو ذات أهمية و خصوصية و حساسية عالية جداً و لأنها تمثل «جوهرة التاج» بالنسبة لإيرادات الدولة. حتى نفهم أسباب دراسة هذا الطرح، يجب أن نضع في الحسبان أن أكبر الشركات الدولية المنافسة لشركة أرامكو (مثل إكسون موبيل و ويال دتش شل و بي بي و توتال) هم في الأساس شركات مدرجة في الأسواق المالية العالمية إلا أنهم يتميزون بإنتشارهم الجغرافي حول العالم، و أنه في عام 2010م قامت شركة بتروبراس البرازيلية بأكبر اكتتاب عام في التاريخ عندما جمعت 72 مليار دولار (من خلال رفع رأس المال) لتطوير حقول نفط جديدة و ضخمة في إعماق البحار تم تغطيته عدة مرات من قبل صناديق سيادية و مؤسسات مالية دولية كانت تسعى لتنويع إستثماراتها بالرغم من المشاكل الإقصادية المزمنة و التي تعاني منها البرازيل مثل: إرتفاع معدلات التضخم و إرتفاع أسعار الفائدة و إنخفاض أسعار صرف الريال البرازيلي. في ظل غياب معلومات عن الكيفية التي سيكون عليها هذا الطرح الهام و توقيته، إلا أنه من المتوقع أن يكون بقيمة سوقية كبيرة قد يجعل من شركة أرامكو أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية وأن يكون على شكل رفع لرأس المال (تماماً كما فعلت بتروبراس) و ذلك لجذب إستثمارات أجنبية جديدة و أن يكون على شكل طرح أسهم بنسبة قليلة لا تتعدى 10 بالمئة سواء في شركة أرامكو الأم أو في إحدى شركاتها التابعة، المهم هنا أن جمع الأموال الجديدة سيساعد شركة أرامكو على تقليل المخاطرة في المدى الطويل من خلال تنويع إستثماراتها على أساس نوعي (الدخول في إنتاج الطاقة المتجددة مثلاً) أو على أساس جغرافي (الدخول في أسواق جديدة بعيداً عن المملكة) تماماً كما تفعل منافساتها عالمياً منذ عقود من الزمن. وما يجب أن نفهمه من تصريح سمو الأمير سواء تمت الموافقة على طرح أسهم الشركة للإكتتاب العام أم لا، هو أن الدولة جادة فعلاً في تنفيذ «الخصخصة» لأهم المشاريع الحكومية بشفافية و وضوح تام و أنه لا توجد أي خطوط حمراء لإنجاز ذلك و إن شملت مبادرات الخصخصة شركة أرامكو نفسها. الأهم أنه إذا نجحت الدولة حفظها الله في جذب إستثمارات أجنبية ضخمة من الدول العظمى من خلال شراء شركاتها لحصص ملكية في شركة أرامكو فهي ستجبر هذه الدول على حماية مصالح المملكة و مصالح شركة أرامكو سياسياً و إقتصادياً ضمن «لعبة المصالح المشتركة دولياً»، و هذا بلا شك هدف إستراتيجي يجب أن نسعى جميعاً لتحقيقه و إن كنا تأخرنا نوعاً ما في تحقيقه.