يوماً بعد يوم، وحدثاً إثر حدث ينكشف المستور في المخطط الصهيوغربي لإشعال حرائق المنطقة العربية، عن طريق وكلاء تستخدمهم الاستخبارات الغربية لتنفيذ مخطط «الشرق الأوسط الجديد»، الذي بشر به «بريجنسكي» عام 1980م، إبان الحرب العراقيةالإيرانية، ثم رسم خرائطه ووضع طرائق تنفيذه برنارد لويس، وتحدثت عنه بعض الصحف الغربية عام 1983م ونقل ما دار حوله د. حامد ربيع في سلسلة مقالات كتبها في « الأهرام « المصرية في ذلك العام. لقد صرح « بريجنسكي» بضرورة إشعال حرب خليجية ثانية تسمح لقوى دولية بالتدخل وتحريك المذهبيات والمطالبة باستقلال الطوائف والأقليات، بعد أن رأى المنظرون للسياسة الأمريكية أن العراق قد ازداد قوة في مواجهته مع إيران بعد دعم المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومصر له، على حين كان يراد للخميني بثورته المعممة أن يكسر شوكة العراق ويكتسحه ويهدم البوابة الشرقية، ليتم تطبيق مفهوم «تصدير الثورة» عبر أقرب باب لإيران؛ إلا أن الأمور سارت على غير ما يهوى البيت الأبيض ؛ فتم جرجرة صدام إلى غزو الكويت بعد تسع سنوات من الحرب مع إيران، وانساق إلى الشراك بقدمه، والحق أنه جر معه المنطقة كلها لتقع في الشراك الكبير الذي نصب لها، وتحققت النتائج التي من أجلها صنعت ما سمي ب»الثورة الإسلامية» في إيران، وهي أن تكون شرطي المنطقة العربية والمهيمنة عليها، وأن تبدأ في إشعال وقود التطرف الديني والطائفي الذي سيمزق المنطقة العربية ويدخل مكوناتها الدينية والمذهبية في حالة احتراب لن تهدأ أو تتوقف إلا بموت هذا الشرق العربي، بعد أن يستنفد طاقاته الكامنة كلها ؛ الروحية والاقتصادية والعسكرية، ويذعن بعد سنوات من الحروب والخراب لتقسيم منطقته إلى دويلات صغيرة قبلية أو مذهبية لا تملك من أمرها شيئاً. إن ملامح التواطؤ بين الغربي والفارسي قد تجلت في وقائع كثيرة، ليست الحملة الدبلوماسية والإعلامية الأمريكية والغربية على تنفيذ أحكام القضاء الشرعي على 47 إرهابيا أدينوا بجرائم قتل وتفجير وتخريب إلا واحدة منها. من دلائل التواطؤ وصناعة الخميني على عيون الغرب لتنفيذ مخطط التفتيت: اختراع أيدلوجية لثورة الخميني، تجعل ثورته المعممة لا تهدأ أبداً عن الحراك والتمدد وإشعال النيران في المنطقة؛ ليتحقق الهدف من صناعة ثورته من خلال مفهوم «تصدير الثورة». واختيار شعار «الإسلامية» مقروناً باسم إيران لإعطاء مسوغ وحجة للملالي في تدخلاتهم وتحشيدهم على أنظمة المنطقة السياسية، والخطاب المذهبي الطائفي لإحداث شق الصف في الأمة العربية والإسلامية؛ كما كان منهج «عبد الله بن سبأ» إبان قيام الدولة العربية الإسلامية الأولى في المدينة والكوفة في خلافة عثمان وعلي رضي الله عنهما . والسعي إلى القضاء على العراق «السني» وتدمير قوّته العسكرية، ثم منح الهيمنة عليه لإيران الفارسية. والسماح للخميني ومن خلفه بعد ذلك، بتكوين وإنشاء الخلايا والأحزاب بمسميات وشعارات تخدع السذج والرعاع ؛ كالإسلامية، أو المقاومة، أو الجهاد، أو الحق؛ مثل: حزب الله في لبنان، وعصائب الحق، وفيلق بدر في العراق، وأنصار الله في اليمن، وهلم جرا. وإنشاء وتكوين التنظيمات السنية المتطرفة أو التي تدعي انتسابها إلى السنّة لضرب المجتمع العربي السني بأيدي أبنائه ؛ فساعدت على تكوين تنظيم « القاعدة « ثم « داعش «، وهي تعلم أنها حين تصنع أو تحمي وتمد هذين التنظيمين، ستنشأ مئات التنظيمات الأخرى المخالفة التي ستدخل معها في صراع دموي مرير ؛ مما يشعل المنطقة كلها، وقد يمتد لهيبه إلى عواصم العالم، وهو ما يحدث الآن. وآخر الأثافي في التواطؤ، منح إيران الملالي حق التخصيب النووي الذي غلف باتفاقات وهمية لا تنطلي على الحاذق البصير. لقد كان المؤمل من السياسية الأمريكية والغربية، أن تشيد وتثني على ما اتخذه القضاء الشرعي العادل في المملكة من أحكام في حق الإرهابيين السبعة والأربعين المدانين، ومنهم الإرهابي المدعو «نمر النمر» ولكن الأمر انقلب إلى ضده وشنت الحملات الإعلامية الظالمة على المملكة ؛ بينما لا ترى أمريكا ولا دول الغرب ما تفعله إيران بشعبها، ولا ما تعلقه من مشانق بصفة شبه يومية في الأحواز، ولا ما يرتكبه الحشد الشعبي في العراق، ولا ما يقذفه بشار من براميل الموت على المدنيين! لا أكثر من هذا التعري والانكشاف في تبادل الأدوار، ولا نعلم بعد إلى أين تتجه المنطقة والسلام في المنطقة والعالم ؛ إذا كانت أمريكا التي تدّعي محاربة الإرهاب تصنع الإرهاب وتحميه!