وسط أطلال دير يرجع عهده إلى العصور الوسطى بمدينة رين الفرنسية اكتشف علماء الآثار خمس جرار تشبه في شكلها القلب مصنوعة من الرصاص تحتوي كل منها على قلب بشري محنط. وبعد نحو أربعة قرون من دفنها بمكانها استعان الباحثون بالعلوم الحديثة لدراسة هذه القلوب المحنطة. واتضح أن ثلاثة قلوب منها تحمل علامات دالة على الإصابة بأمراض قلب تشيع في وقتنا الحالي. وقالت روزين كولتيه من المعهد الوطني الفرنسي للأبحاث الأثرية الأربعاء «كل قلب يختلف عن الآخر وينطوي على أسراره الخاصة. أربعة من هذه القلوب محفوظة حفظاً جيداً. من النادر في مجال الآثار العمل على مواد عضوية والاحتمالات مثيرة.. وبدا أحد هذه القلوب سليماً دون أن يحمل أي آثار على الإصابة بأمراض أما ثلاثة منها فبدت عليها الإصابة بأمراض منها تصلب الشرايين مع وجود صفائح رقيقة داخل الشرايين التاجية.. أما القلب الخامس فكان سيئ الحفظ. وقالت فاطمة الزهراء موكران من مستشفى رانجويل بالمستشفى الجامعى في تولوز «قلب واحد يخص امرأة وكان في حالة تحلل شديدة لا تسمح بدراسته». ويخص قلب منها أحد النبلاء استدلالاً من خلال نقوش وجدت على الجرة الموضوع بها ويدعى توسيه بيريان فارس بريفيلاك وتوفي عام 1656م.. وكان قلبه قد انتزع عقب وفاته ودفن فيما بعد مع زوجته لويز كوينجو سيدة بريفيلاك التي توفيت عام 1654م.. وعثر على جثتها التي كانت في حالة حفظ ممتازة في تابوت بالموقع وكانت تضع رداء خارجياً دون أكمام ينسدل على الكتفين وزيا آخر من الصوف وغطاء نسائياً للرأس وحذاء جلدياً نعله من الفلين. وأقدم هذه الجرار يرجع عهده إلى عام 1584م وأحدثها إلى عام 1655م، وقالت موكران إن من الجوانب المهمة لهذه الدراسة اكتشاف عن أن الناس الذين كانوا يعيشون قبلنا بمئات السنين كانوا يصابون بمرض تصلب الشرايين. ويحدث تصلب الشرايين حين تتراكم صفائح رقيقة من الدهون والكوليسترول ومركبات الكالسيوم داخل الشرايين إلى الدرجة التي تصبح فيها هذه التراكمات كثيفة مع مرور الوقت ما يؤدي الى ضيق مسار الدم بالشرايين ومن ثم الإصابة بالأزمات القلبية والسكتة الدماغية. وقالت موكران: «تصلب الشرايين ليس مرضاً حديثاً لأنه وجد في عدة قلوب خضعت للدراسة». وقام الباحثون بتنظيف هذه القلوب وازالة مواد التحنيط منها وفحصوها بالاستعانة بالتصوير بالرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية ووسائل تشخيص أخرى. وقام علماء الآثار بحفرياتهم في دير جاكوبان بمدينة رين خلال الفترة بين عامي 2011م و2013م وشيد الدير عام 1369م وأصبح مقصداً رئيساً للزوار وموقعا للدفن بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر وقالت كولتيه إنه عثر على نحو 800 قبر، وطرحت نتائج هذه الدراسة خلال اجتماع لجمعية أطباء الأشعة في امريكا الشمالية عقد في شيكاجو.