أسامة محمد طفل لم يتجاوز عمره ال(9 سنوات) من أبناء مدينة تعز أصيب قبل أيام بشظايا قاتلة توزعت في أنحاء جسده النحيل جراء لغم انفجر بسيارة بالقرب منه عندما كان في طريق عودته إلى بيته بعد فسحة من الوقت قضاها في لعب كرة القدم مع رفاقه في مكان لا يبعد عن منزله في ضواحي مدينة تعز عشرات الأمتار. أسامة ليس الأول ولا الأخير ممن قضوا نحبهم نتيجة الألغام التي زرعها الحوثيون حول مدينة وغيرها من المدن اليمنية، العشرات من الأطفال والنساء والرجال يتعرضون يوميا لحوادث شبيهة لما تعرض له أسامة ويواجهون الموت أو الإعاقة نتيجة ممارسات جماعة لا تعرف في مشروعها الحضاري المدني المزيف الذي يدعونه سوى القتل والهدم والتهجير والاعتقال. الحوثيون وفي كافة المدن والمناطق التي سيطروا عليها منذ خروجهم من صعدة قبل أكثر من عام ونصف حتى يومنا هذا وفي كل موقع ينسحبون منه، يزرعون خلفهم الموت والإعاقة للمدنيين أبناء جلدتهم في الطرقات والأحياء السكنية.. إنهم يقتلون الناس بدم بارد، وما آلاف الألغام التي يتم اكتشافها يوميا في مواقع عدة إلا خير شاهد على ما يقترفه الحوثيون من جرائم بشعة بحق اليمنيين. منظمة هيومن رايتس ووتش أعلنت أن لجوء المتمردين الحوثيين إلى زرع كميات من الألغام المضادة للأفراد يشكل جريمة حرب، تعاقب القوانين الدولية مرتكبيها أمام محكمة الجنايات الدولية، ودعا إلى التوقف فورا عن استخدامها. وأشارت المنظمة إلى أن خبراء أكدوا أن الألغام الأرضية قتلت عشرات الأشخاص وجرحت آخرين في محافظات اليمن الجنوبية والشرقية، أبين، وعدن، ومأرب، ولحج، وتعز، منذ سبتمبر الماضي. وقال مدير قسم الأسلحة في المنظمة، ستيف جوس «الحوثيون يقتلون المدنيين ويتسببون في تشويههم بالألغام الأرضية. وكلنا يدرك أن الألغام المضادة للأفراد هي أسلحة عشوائية يجب عدم استخدامها تحت أي ظرف، وعلى قوات الحوثيين التوقف فورا عن استخدام هذه الأسلحة المروعة، واحترام التزامات اليمن بموجب معاهدة حظر الألغام». ويقول الخبير في نزع الألغام على عبد الواسع «زراعة الحوثيين للألغام في كافة المواقع التي ينسحبون منها يبعث على القلق الشديد مطالباً هذه الميليشيات التوقف الفوري عن استخدام الألغام المضادة للأفراد واحترام التزامات اليمن كطرف في معاهدة حظر الألغام». وأشار الى أن المعلومات المتوفرة تفيد أن الحوثيين قد زرعوا أكثر من 150 الف لغم في محافظاتعدن، لحج، ابين، وأن الخوف يهيمن على سكان تلك المحافظات خاصة وأنها قد شهدت سقوط عدة ضحايا خلال الفترة الماضية. وكان موظفو مركز برنامج مكافحة الألغام في عدن قد جمعوا خلال الأشهر الماضية آلاف الألغام من عدت محافظاتجنوبية التي كان الحوثيون قد زرعوها قبل دحرهم من تلك المحافظات في يوليو الماضي . وكانت فرق متخصصة في نزع الألغام قد قامت بنزع الآلاف من الألغام بمختلف أنواعها والتي زرعها الحوثيون وقوات صالح في مناطق وطرقات عدة في المحافظاتالجنوبية الأربع التي تم دحر الحوثيين منها - عدن وأبين والضالع ولحج - وذكر تقرير للحكومة اليمنية أن «مشكلة الألغام لم تقتصر على المحافظات الأربع المذكورة فقط ، بل طاولت محافظات وسط اليمن أيضاً، إذ ظهرت حوادث الألغام الأرضية في كل من محافظة تعز والبيضاء ومحافظة مأرب ومحافظة شبوة». وتوقع مراقبون بالنظر للإمكانيات المتواضعة لفرق نزع الألغام أن تستغرق إزالة كافة العبوات الناسفة والألغام في هذه المحافظات ما بين خمس وثماني سنوات ، خاصة وأن الالغام المزروعة منتشرة في كل مكان ، ولا تتوفر خرائط توضح أماكن زراعتها . وتعتبر محافظة مأرب، شمال اليمن، من المحافظات التي تعاني من وجود آلاف الألغام، التي زرعتها مليشيات الحوثي وقوات صالح، قبل فرارها من المحافظة، بعد تقدم المقاومة الشعبية والجيش الوطني وسيطرتهم على المناطق التي كانوا يتواجدون فيها. وأكد مصدر في السلطة المحلية بمحافظة مأرب ، أن الألغام التي زرعتها المليشيات الانقلابية، في مناطق متفرقة من المحافظة حصدت أرواح عشرات المدنيين ، بينهم أطفال ونساء . وبعد سيطرة القوات الحكومية على مأرب، بدأت فرق متخصصة بنزع ما قدر ب 17 الف لغم زرعه الحوثيون في مأرب. وفي محافظة الجوف شرقي اليمن قال سكان محليون للجزيرة إن الحوثيين قاموا بزراعة الآلاف من الألغام في المديريات الخاضعة لسيطرتهم، استعداداً لمعركة وشيكة ، وأكد مسئول محلي في المحافظة تزايد حوادث الألغام في المحافظة والتي راح ضحيتها حتى الآن العشرات بين قتيل وجريح . وفي محافظة تعز ذكرت مصادر محلية ل«الجزيرة» أن ميليشيات الحوثي وقوات صالح كثفت من عمليات زرع الألغام في بعض المناطق عند مداخل مدينة تعز من جميع الجهات، لإبطاء ومنع تقدم قوات الشرعية، وذكر شهود عيان للجزيرة بأن عددا من المناطق في مدينة تعز قد شهدت خلال الأيام الماضية انفجارات متفرقة بسبب الألغام المزروعة فيها، وأودت بحياة عدد من المواطنين. وقد قامت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بتفكيك حقول الغام التي زرعها الحوثيون وقوات صالح في منطقة الشريجة بمحافظة لحج جنوب اليمن، وهو ما أكده العميد علي ردمان قحطان الصبيحي المشرف على العمليات القتالية في جبهات الشريجة، وكانت مقاتلات التحالف قد نفذت في وقت سابق غارات جوية بصواريخ خاصة ، على منطقة النفق الواقع في مدخل منطقة الشريجة ، بهدف دك حقول الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي وقوات صالح أما في صنعاء فقد لوحظ قيام ميليشيات الحوثي وقوات صالح بنقل كميات كبيرة من الألغام من بعض المعسكرات لزراعتها حول العاصمة صنعاء تحسباً لأي محاولة لتحرير العاصمة من قبل المقاومة والتحالف. وناشد الأهالي في العديد من المدن والمناطق اليمنية ميليشيات الحوثي وصالح الكف عن هذه الممارسات التي تحصد كل يوم أرواح الأبرياء في كل مكان. مطالبين الجهات المختصة والأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بحقوق الإنسان إلى توثيق هذه الجرائم بحق المدنيين وسرعة العمل على نزع الألغام ، حتى يتمكنوا من ممارسة حياتهم وأعمالهم بشكل طبيعي ، لا يهدد حياتهم بالخطر. ويتعمد الحوثيون زرع الألغام في المرافق العامة والطرقات والأحياء السكنية لدى انسحابهم ، لوقف تقدم المقاومة الشعبية، في كثير من المحافظات، وكانت قوات التحالف العربي قد أمدت القوات الشرعية بالخبراء والأدوات اللازمة للتخلص من الألغام ، وتم بالفعل نزع الآلاف من الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون وقوات صالح في مناطق عدة. ويقول الخبير العسكري عبد القوي نعمان، أن زرع الألغام في كثير من الأماكن من قبل الحوثيين، هي محاولة من الحوثيين في كسب مزيد من الوقت، وإبطاء تقدم المقاومة نحو المناطق التي يسيطرون عليها، مشدد على ضرورة توعية المواطنين لتعريفهم بكيفية تجنب خطر الألغام. وتحث السلطات المحلية في عدة محافظات يمنية مواطنيها إلى توخي الحذر في تنقلاتهم وتجنب المناطق المشتبهة بزراعة الألغام حفاظا على سلامة أرواحهم. ويؤكد زير حقوق الإنسان عز الدين الأصبحي أن من أساليب القتل التي تفننت بها مليشيا الحوثي والمخلوع صالح محاصرة السكان بالألغام العشوائية وإيجاد حزام للمدن بالألغام، لإيقاع أكبر ضرر واستمراره، موضحا أنه سيصدر قريباً تقريرا مفصلا عن الألغام وضحايا الألغام، والذين هم في تزايد، لافتا إلى قيام الحوثيين وقوات صالح بزراعة الألغام بشكل عشوائي. وتشير المعلومات إلى سقوط 145 ضحية من ضحايا الألغام، وخلال شهر واحد قتل بسبب الألغام المزروعة 25 شخصاً و26 امرأة و12 طفلاً، و8 أشخاص ممن يعملون على نزع الألغام، وهي جريمة واضحة من قبل الجماعات الحوثية الإرهابية.