لم يستفد الفنان المصري عمرو دياب من الدلال الكبير والتي وفرتها له روتانا منذ انضمامه إليها قبل عشر سنوات، ولم يحرص الفنان المصري من استثمار هذا الدلال « المحسود عليه»، بل ظل يرفس هذا الدلع، حتى قرّرت الشركة السعودية العائدة ملكيتها للأمير الوليد بن طلال في وضع حد صريح لهذا الدلال بمطالبته بمبلغ مليون دولار نظير إخلال «الهضبة» - وهو اللقب المعروف به دياب - بالعقد الملزم بين الطرفين، لتتضح الصورة النهائية بأن «روتانا تدك الهضبة»، بعد أن وصل الطرفين إلى طريق «موصد». حاولت روتانا منذ انضمام عمرو دياب لها 2004م، أن تعامله بنجوميته - وهو بالطبع واحد من أهم نجوم العرب في الوقت الحالي - وذللت له كل صعب، وتنازلت عن الكثير احتراماً لقيمته الفنية، وتقديراً لجماهيريته، وقدمت على خطوة وحيدة بتوقيع عقد معه طويل الأمد بالنظر لبقية نجوم روتانا، لكن أحياناً «ما زاد عن حده ينقلب ضده «، حيث تجرعت روتانا طوال العقد بين الطرفين الكثير من الوخزات الأليمة من دياب، لكنها تحملت، تقديراً على الأقل للعقد المبرم بينهما، ولم تلتفت روتانا لمطالبات بقية فنانيها النجوم بأهمية العدالة في التعامل، وأن كانت روتانا عادلة، وقدمت لجميع فنانيها ما يطلبونه، لكنها انحازت أحياناً كثيرة لتدليع - الهضبة -، يقول لي فنان خليجي مهم في فترة سابقة «أحياناً نفاجأ بدلال الشركة لعمرو دياب، بصراحة نحسده، ليتنا نحظى بمثل هذه العلاقة، صحيح بأننا نجد كل الاحترام والتقدير والعطاء من الشركة، لكن لا أحد يرفض الدلال «. وعلى مدى العلاقة بين الطرفين منذ 2004م وحتى منتصف نوفمبر الجاري، لم يكن التعامل على الأقل من جهة دياب بالمهني والإنساني، ولأننا نعلم مدى علاقة دياب بعدد من الصحفيين والصحف المقربة منه في القاهرة، وقدرته على تطويعهم لأخباره ونشر ما يرغب - فقط -، ومحاولات هؤلاء المقرّبين منه، بنشر كل ما يسيء لروتانا، ومحاولاتهم قلب الحقائق الواضحة، واتهام روتانا - يسمونها كثيراً - بشركة رأس المال السعودي -، وبأنها ضد دياب، وكأنهم يكتبون فقط لأنفسهم، بعكس الواقع الواضح والصريح والمعروف للكثير، ولم يعد المتابع والمطلع جاهلاً بما يدور، ويعلمون حقيقة النعيم الذي كان يعيشه - الهضبة - في روتانا، حيث علّق لي شخصية مطلعة في روتانا منذ أيام «بأنهم يعلمون حقيقة الأخبار التي تنشر في بعض الصحف ومن بعض الصحفيين، نعلم تماماً كيف تصلهم هذه الأخبار، وكيف يكتبونها، وما هي الخطوط العريضة لكتابتهم، نتركهم قصداً يكتبون لأننا نثق في عملنا، ونعلم بأن ما يكتبونه مجرد أوهام وافتراضات بائسة، دعهم يكتبون، ففي يوماً ما سينكشفون وتنكشف كتاباتهم». قبل أن ينضم عمرو دياب لروتانا عام 2004م، كان مرتبط بعقد مع شركة عالم الفن لمحسن جابر، وحين اقترب من الانضمام من روتانا، حصل هناك تسريب لألبومه «أمان» والذي كان من المفترض أن يكون توزيعه عن طريق عالم الفن، ليكتب دياب نهاية «باردة» مع صديقه محسن جابر، وانعكست تلك العلاقة السلبية بين الأطراف الثلاثة ومنهم روتانا من خلال قضايا ومحاكم، وبالفعل وقع عقد مع روتانا، وبالفعل طرح دياب باكورة أعماله مع روتانا بعنوان «ليلي نهاري» في يوليو من تلك السنة، وحظي هذا الألبوم انتشار كبير، وترجمت أعمال هذا الألبوم إلى لغات كثيرة، وتمكنت روتانا من إنجاح هذا الألبوم بشكل كبير ولافت، وقد شهدت أولى سنين دياب مع روتانا عدد من خلافات وصرح بها الأول علانية في بعض الصحف، وبحسب قوله بأن قيادات روتانا لا ترد على اتصالاته، وذهب فوراً لمالك الشركة الأمير الوليد بن طلال والذي قام بحل المشكلة سريعاً . في مطلع 2008 قبل نحو سبع سنوات كتبت «الجزيرة» تقريراً عنوانه «معركة كسر عظم بين سالم الهندي وعمرو دياب ... من ينتصر؟»، وخلاصة التقرير أن دياب «جنّد» صحافة «صفراء» للنيل من شركة روتانا، وحينها سرّب دياب للمقربين منه أن خروجه من روتانا بات «حتمياً»، وطالبنا في «الجزيرة» أن يكون للشركة الرائدة في الموسيقى العربية موقف حازم من تلك البلبلة التي تسبب فيها دياب. وتواصلت العلاقة بين الطرفين ولم تكن بأفضل حالاتها لتندرات دياب الكثيرة على روتانا، فمن بين تأجيل ألبومه الثاني، ومحاولاته توقيع مع شركة جديدة بدلاً عن روتانا وهي شركة جود نيوز، واتضح الخلاف حين فاز عمرو دياب بجائزة الميوزك أورد وقام بإهداء الجائزة للقناة المصرية متناسياً روتانا والتي كانت سبباً في هذا الفوز ليبعث برسالة واضحة أن هناك خلافاً بين الطرفين، ومع ذلك فقد أصدرت روتانا بياناً صحفياً تهنئ فيه دياب بهذا الفوز، إلا أن العلاقة استمرت بجفاء، حتى عادت مجدداً بأفضل حالاتها، وبالفعل جددت روتانا عقدها مع دياب لخمس سنوات إضافية، وذلك بعد أن أفردنا هنا في الجزيرة بالعلاقة المتجددة بين الطرفين ونشرنا أخباراً متسارعة عنها، وتناقلت الصحف المصرية ووكالات الأنباء خبرنا الحصري، وبالفعل تم التجديد، حضرت «الجزيرة» مراسم توقيع العقد في العاصمة المصرية القاهرة وذلك في منتصف 2008م، وكان دياب فرحاً كثيراً بهذا العقد وظل يمجد في هذه الشركة ويصفها بالكلام المعسول، وكان لي حديث وقتها مع دياب ونشرناه هنا، وواصلت روتانا إنتاج ألبومات جديدة لدياب وعرضت فيلم «الحلم» على قنواتها، ووفرت الكثير من الحملات التسويقية والإعلانية الإعلامية لكل ما يخص دياب، حيث طرح دياب مع روتانا قرابة ثمانية ألبومات، حظيت جميعها بالاهتمام. وأخيراً وصلت العلاقة بين الطرفين لطريق مسدود وعلى الرغم من محاولات روتانا لإصلاح الخلل في العقد ومطالبتها لدياب بالالتزام بالعقد، لكنها لم تفلح بسبب جفاء الفنان، وعليه فقد أصدرت شركة «روتانا» بياناً صحفياً توضح فيه موقفها من فسخ التعاقد مع الفنان عمرو دياب، قالت فيه: قد تناولت بعض الصحف والمجلات في الفترة الماضية خبراً عن قيام الفنان عمرو دياب بفسخ التعاقد مع شركة روتانا وهذا ادّعاء مغلوط، ولذا فقد رأت شركة روتانا ضرورة التنويه والرد على هذه المزاعم التي يقف وراءها الفنان ومديرة أعماله بهدف الإساءة للشركة ومحاولة النيْل منها وبلبلة المتعاملين معها، ولذا فقد لزم التأكيد على أن شركة روتانا هي التي بدأت في اتخاذ إجراءات فسخ التعاقد مع تعويضها بسبب إخلال الفنان عمرو دياب بالتزاماته الواردة بالعقد، وهذا كله ثابت بالمستندات والوقائع الواردة على النحو التالي: - بتاريخ 1-10-2015 وجهت شركة روتانا إلى الفنان عمرو دياب إنذاراً قضائياً وطلبت منه سرعة سداد الشرط الجزائي الوارد بالعقد وقيمته مليون دولار أمريكي بسبب إخلاله بالتزاماته التعاقدية، وقيد الإنذار برقم 26368 محضري الدقي، وقد تسلمه محامي الفنان في 5-10-2015 . - بتاريخ 27-10-2015 أقامت شركة روتانا دعوى قضائية ضد الفنان عمرو دياب بإلزامه بسداد قيمة الشرط الجزائي الوارد بالعقد بسبب إخلاله بالتزاماته الواردة بالعقد، وقيدت الدعوى برقم 725 لسنة 7 قضائية وتحدد لنظرها جلسة 7-12-2015 . - وختمت الشركة أن علاقاتها مع المتعاملين معها قائمة على الاحترام المتبادل وتحقيق المصلحة المشتركة بغرض أن يكون نتاج هذه العلاقة تقديم أعمال متميزة، ولم ولن تقبل شركة روتانا التعامل معها بسياسة الذراع والتشهير والابتزاز أياً كان ما سيقدمه لها من يستخدم هذه الأساليب. وكان عمرو دياب قد أعلن أنه قرّر إنهاء تعاقده مع شركة «روتانا» لإخلالها بالتعاقد، حيث ينص آخر عقد له مع الشركة على تنفيذ ألبومين طرح منهما ألبوم «شفت الأيام»، ولكن عدم التزام الشركة ببنود التعاقد معه، جعله يطالب بإنهاء عقد ألبومه الجديد مع «روتانا»، وأرسل محامي عمرو دياب إنذاراً قضائياً إلى شركة «روتانا»، للتأكيد على ضرورة فسخ التعاقد بين دياب والشركة قبل التصعيد والتوجه بعد ذلك للقضاء في حال عدم التنفيذ. وأصدر عمرو دياب بياناً صحفياً لتوضيح حقيقة أزمته مع شركة «روتانا»، على خلفية تبادلهما الاتهام بعدم الالتزام بالتعاقد، وقال في نص البيان: «نشر المكتب الإعلامي لإدارة التسويق بشركة روتانا للصوتيات والمرئيات خبراً مفاده أن شركة روتانا أقامت دعوى قضائية تحمل رقم 725 لسنة 7 ق، ضد الفنان عمرو دياب مطالبة بإلزامه بسداد قيمة الشرط الجزائي الوارد بالعقد بسبب إخلاله بالتزاماته الواردة بالعقد». وذلك القول عار تماماً من الصحة، حيث لم يعلن عمرو دياب بالدعوى المذكورة، هذا وقد لزم التنويه أن عمرو دياب لم يخل بالتزاماته الواردة بالعقد المذكور مع شركة روتانا للصوتيات والمرئيات وهي عادته، لكن على العكس من ذلك، فإن شركة روتانا هي التي أخلّت بالتزاماتها الواردة في ذلك العقد، وبناء على ذلك تم إرسال خطاب من مكتب الفنان عمرو دياب إلى شركة روتانا ورد فيه: إننا قد أنجزنا الألبوم الثاني بتمويل ذاتي ولم يتم الرد على ذلك الخطاب من جانب شركة روتانا الأمر الذي حدا بعمرو دياب إلى توجيه إنذار إلى شركة روتانا، وتم توجيه الإنذار بتاريخ 3-11-2015 برقم 18998 قلم محضري قصر النيل أوضح فيه مخالفة شركة روتانا لبنود عقد الاتفاق المؤرخ 15-1-2014 . وبقي السؤال الأهم الآن.. أي شركة سترحب بالفنان عمرو دياب في قادم الأيام، وكيف ستفلح في ترويضه، وكل هذا سيتضح بعد نطق الحكم في القضية بين الطرفين، فروتانا لم تكن حائطاً «قصيرا» للبعض، ولم تكن مالاً سائباً يبلع منها من يشاء ثم يغادرها وهو يلعنها، هي شركة تعطي الآخرين حقوقهم، وعليهم المحافظة على حقوقها. TW @AbdullahHajri