السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: تحية عطرة وبعد قرأتُ ماكتبته الكاتبة سمر المقرن في هذه الصحيفة في العدد 15735في حقلِها اليومي تحت عنوان (أسلوب القبض مع الرقبة)، التي ذكرت الكاتبة فيه المُعاناة مع منظمات حقوق الإنسان وتقول إن هذه المنظمة لا تتفهم خصوصية مجتمعنا وأن هذه الخصوصية تختلف عن باقي سُكان الكُرة الأرضية، ثُمَّ ألقت اللوم على بعض أفراد مُجْتَمَعِنا وبعض الجهات المحسوبة على اسم السعودية أن يتفهموا أو يستوعبوا أن هناك منظمات حقوق إنسان في جميع دول العالم وتتحكم في الكثير من القرارات الدولية وتضر بالكثير من المصالح، ثم أردفت تقول لا يُريد السعوديون من بعض الأفراد والجهات تحسين صورة بلادهم في أعين البشرية جمّعاء، وأنهم قاموا بتشويه بلدهم وعدم الاستفادة من خيراتها، وتقول إن عدم احترام الآخر وعدم الإحساس بالمسؤولية تجاهه وغياب الرقيب كان السبب وراء تشويه سمعت السعودية في الخارج، ثم تقول إن قيام جهات مثل الشُرطة والمرور وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن التصرف الحاصل من بعض أفرادها أي تلك الجهات المذكورة وطريقتهم في القبض على المخالفين تتعارض مع حقوق الإنسان وهذا التعامل بهذه الطريقة سيكون سببًا وتشويهًا إضافيًا، وتقترحُ تدريب هؤلاء العاملين وفرض عقوبات صارمة على من يُهين مواطنًا أو يقبض عليه مهما كان جُرْمُه، ذكرت مقطعًا لرجُل الهيئة ومسكِه لشاب عبر رقبته ودفعه إلى الخارج على إثر قيام فتيات يُشاهدن ذلك الشاب ويُعجبن به، وتقول لا يهمُني ما ذا فعل الشاب ولا ماذا فعلت الفتيات، بل يهمُني صورة سلبية عن بلادي. ولي تعقيب على كلام الكاتبة سأوجزه في الآتي: 1- قولها عن منظمة حقوق الإنسان بأنها لا تتفهم خصوصية مجتمعنا، وأنا لم أفهم مُرادها بتلك الخُصوصية التي تتحدثُ عنها وتنادي بها. 2- الْحَظ من بداية المقالِ إلى آخره ذِكْرُ السلبيات المجتمعية وتسليط الضوء عليها، وجلد الذات من أجلها، والكاتب المُنصف يتجرد من أهواء النفس، وما يحدث له من مواقف نادرة حصلت له ثُمَّ يُحاسب الجميع على هذه المواقف، وهي تُريدُ هذا المُجتمع ملائكيًا، وكُل مُجتمع له سلبيات وله إيجابيات، فَوَجب عليها ذِكرُ الإيجابيات التي يتحلى فيها هذا المجتمع التي هي واحدة من مكوناته. 3- ذكْرها للعاملين رجال الأمن في قطاعي الشُرطة والمرور وكذلك لرجُل الهيئة، وإنَّ بعض العاملين يُسيئون إلى هذه الأجهزة الثلاثة بسبب تصرُفِ بعض أفرادها، واقتراحِها فرضُ عقوبات صارمة على من يقبض مواطنًا مهما كان جُرْمُه، فأقولُ لها أين الأمر بالمعروفِ والنهيِّ عن المُنكَرِ.. هذه الشعيرة الدينيةِ التي قال الله تعالى عنها في كتابهِ العزيز: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أخرجتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}. فإذا أخذنا بقولها وتركنا الأمر والنهيُ شاع المُنكر فلا تجد من يُنكِرْه بحُجَةِ هذه (حُرية)، ورأيْنا ماذا فعلت الحُرية بتلك الدول المُتحَضِرَةِ، وهذه الحُريةِ التي يَزْعمُونَ بها ويُنادون من أجلها غير مُنضبطة بضوابط الشرع، فالدينُ الإسلامي تكفَّلَ بالحياة الكريمة التي يعيشُها المُسلم قال تعالى: ((مَنْ عَمِلَ صالحًا مِّن ذَكَرٍ أو أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاة طَيِّبَة وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأحسن مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)). ثُمَّ تقولُ في نهايةِ مقالها مُعلِقة عن قِيَامِ رجُل الهيئة بمسكه ذلك الفنان وإخراجه من مركزٍ تجاريٍ وسطَ حضور نساء مُعجبات وقيامهنَّ بالتصوير معه، فتقولُ لا يهمني ماذا فعل الشاب ولا ماذا فعلت الفتيات يهمني صورة سلبية عن بلادي وهذا تناقض عجيب من الكاتبة، فالصورة السلبية هي كُل ما يَمسُّ عقيدة وأخلاق المسلم، وتُنْقَل عنَّا هذه الصورة بكُل ما تَحْمِلُهُ من عواقبَ وخيمةٍ وأقصد بها «تفكُك وانحلال المجتمع»، أخيرًا أُذَكِّرُ نفسي والقُرّاء جميعًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ رِسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: (مَن رَأى مِنكُم مُنكَرًَا فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فإن لَمْ يَستَطعْ فَبِلِسَانِهِ، فإن لَمْ يَستَطعْ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمان). رواه مسلم والكاتب يستطيع تغيير المُنكر بقلمه إذا سَلِمَ فكره ومنهجه. فليتقِ الله كُلَ كاتب يكتب بقلمه، لأنه مسؤولٌ عمّا يكتب ومُحاسبٌ عليه أمام ربه يومَ يلقاه. أسأل الله أن يحفظ هذه البلاد بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى الخير والهُدى والرشاد، وأن يُوفق الله نائبيه المُحمدين إلى كل خير، وأن يُصلح أحوال المسلمين في كل مكان.