وتحتفل المملكة هذا العام 1436ه بيومها الوطني المجيد الخامس والثمانين وقد تزامن مع احتفالها مع المسلمين في شتى بقاع الأرض بعيد الأضحى المبارك، فأضحى الوطن في أسعد أيامه، وفي أبر أوقاته، وفي أجمل لياليه، فالوطن يزهو بعيده المبارك وقد اجتمع في أراضيه المقدسة قرابة ثلاثة ملايين مسلم من شتى بقاع المعمورة، قدموا لهذه الأراضي المقدسة؛كي يؤدوا الركن الخامس من أركان الإسلام، وكالمتبع قدمت المملكة بكافة أجهزتها المعنية كل الخدمات لضيوف الرحمن، بنفوس راضية، وقلوب مستبشرة، وثغور باسمة، قدم أدوارها، ونفذ متطلباتها أبناء هذا الوطن الكبير، بشتى أنواع الخدمات، ومختلف المبتغيات بصورة تدعو للفخر والاعتزاز، وقد نقلت الصور شيئاً يسيراً من هذه الخدمات السعودية المباركة. ويمر يومنا الوطني العزيز لهذا العام وقد انتظم عقدنا، وتلاحم صفنا خلف قيادتنا المباركة؛ هذه القيادة التي أطرت العلاقة مع مواطنيها بأطر صلبة، وأسس متينة، وقواعد راسخة في جذور التاريخ، لا تزيدها الأيام إلا رسوخاً، ولا أحداث العالم من حولنا إلا تقارباً وتلاحماً، راهن المرجفون، وأعداء الوسطية والاعتدال على هذه العلاقة فباؤوا بالخسران، و أسقط في أيديهم عندما رأوا تلك الصور المشرقة من الحب والوفاء بين قيادتنا وشعبنا الكريم في كل اللقاءات والظروف والمحافل في الداخل والخارج. إن هذا التلاحم الذي يجمع القيادة بالشعب هو الأساس المتين الذي بنت هذه الدولة أصول منهجها عليه، وهو السر الذي لا يعرفه سوى المواطن السعودي مع قيادته في كل الظروف والمناخات؛ فقد اتكأت هذه العلاقة على أصول شرعية لا تتزعزع ولا تتبدل، وعلاقة حب وتقدير يتبادلها المواطن مع قيادته بلا تعقيد أو بروتوكول يلتزم به كل منهما، بل هو التعامل على السجية وبتلقائية عجيبة، بلا تكلف أو نمطية خاصة ربما يتعامل بها الآخرون في أماكن معينة من العالم.. أما في مملكة (عبدالعزيز) فالحديث في ديوان الحكم على سجيته، والتعامل يرتسم ببساطة وعفوية نابعة من أعماق القائد والمواطن، هذه الأصول أعلن ميثاقها وحدد أصولها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في مثل هذا اليوم قبل خمسة وثمانين عاماً. تحية حب وتقدير لقيادتنا الغالية برمزها الشامخ، ومليكها الملهم، الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-؛ الذي خبر هذه الدولة منذ إنشائها، وعرف العلاقة المتجذرة بين القيادة والشعب، واستطاع بحكمته الباهرة، وإخلاصه لوطنه، وحبه لأبناء شعبه، ومعرفته لكل الظروف والأحوال والرجال أن يسير بهذا الوطن مسيرة والده العظيم الملك عبدالعزيز، ووفق الخطط التنموية التي مضى عليه إخوانه الملوك السابقون -رحمهم الله جميعاً-، فكان خير خلف لخير سلف، وكان نعم القائد المحنك، والملك الحازم، تجاه أي قضية تمس وطنه الغالي، أو تطال أحد أبناء شعبه الوفي، أو ممن يعيش على ثرى هذا الوطن الطاهر بغض النظر عن دينه وجنسيته، الجميع في ميزان العدل سواء، فيأخذ الحق له بصورة أخاذة حازمة جميلة، تثير الإعجاب بهذا الوطن، وبقائده المحنك العادل. سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لا يرضى بالظلم ودواعيه، ولا بالتعدي بأنواعه مهما كان مصدره، وأياً كان فاعله، فعلى الصعيد العربي عندما ظلم الشعب اليمني الشقيق من مليشيات مأجورة ظالمة، وخشي أن يصل الضرر إلى ثرى هذا الوطن الغالي هب بلا تردد مع بقية دول التحالف يرفع هذا الظلم، مؤيداً الشرعية، منافحاً هنا، مستضيفاً لها؛ بقيادة حكيمة، وتضحية غير مستغربة؛ دحراً لهذا الظلم الواضح، والبغي البين، وقد لاحت تباشير النصر بإذن الله في الأفق، فقد عادت الشرعية إلى اليمن تمهيداً لإعلان النصر المؤزر، وإعلان السيطرة على التراب اليمني بالكامل بإذن الله تعالى، وكل أبناء الشرفاء ينشدون أهازيج الفرح، رافعين أيديهم شكراً لله تعالى ثم لمليكنا المفدى مستذكرين بكل فخر واعتزاز نجدته وحزمه، وقيادته، وقوة ردعه، فلله الحمد والشكر والامتنان. وتحية حب وتقدير لجيشنا السعودي المظفر؛ الذي أظهر للعالم أنواع البطولة والفداء، وكون مع بقية الجيوش العربية تحالفا رائعاً ضد العدوان الذي لعبته تلك المليشيات الحوثية المأجورة، ولولا مراعاة العزل من المواطنين، والبنى التحتية من المنشآت، لانتهت هذه المعركة في ظرف أسابيع إن لم أقل أياماً قلائل، ولكنها أخلاق وقيم ومرتكزات جيشنا السعودي العظيم؛ الذي يأبى أن يضار المسالمون، أو الضعفاء والأطفال والنساء والشيوخ؛ وهي الأخلاق الإسلامية التي هي عقيدة جيشنا السعودي الباسل. وفي يومنا الوطني المجيد الخامس والثمانين ما زال الوطن في حربه الدائمة مع الإرهاب والإرهابيين، مع قوى الشر والفساد؛ الذين انتهكوا الحرمات، وسفكوا الدماء، وعاثوا في الأرض الفساد، وطال شرهم حرمة بيوت الله عز وجل ففجروها، ودماء الأبرياء فسفكوها، لا يبالون باقتحام هذه المحرمات، بلا وازع من دين، ولا مسكة من عقل، ولا بقية من خلق أو ضمير، هم خوارج هذا العصر، هم المجرمون حقا، هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ قد أزهقوا أنفساً بريئة، مواطنين مسالمين، مصلين قانتين، وكذلك عسكريين يحمون دينهم ووطنهم وعقيدتهم طالهم جميعاً شر تلك الفئة البغيضة المجرمة الخائنة لدينها، ووطنها، ومواطن المروءة والشرف. وقد أعلنها سلمان الحزم، مليكنا المفدى أن الحرب على الإرهاب لن تتوقف، مهما كان طال الزمن أو قصر، ومهما تعددت طرقهم، وتشعبت مناهجهم الخبيثة، وسيبذل الوطن كل طاقته في سبيل القضاء بإذن الله على هذا الفكر الدخيل المجرم المشبوه، فأي فكر يبيح قتل الأقربين مهما كانت درجة قرابتهم!! وأي فكر مجرم يبيح تفجير المساجد ودور العبادة !! وأي فكر خبيث يحث على قتل النفس البشرية بالحرق، وقطع الرؤوس بصورة بشعة مريبة، وقد تعاهد الشعب مع قادته للقضاء المبرم بإذن الله على هذا الفكر الدخيل، وعلى هذه الطغمة الفاسدة البغيضة. ويمر يومنا الوطني الخامس والثمانون والوطن العزيز يتقدم بكل الاتجاهات: السياسية والاقتصادية والتنموية والعسكرية برؤى ثابتة، وتطلعات واسعة، ومناهج واضحة أساسها الجد والمثابرة في خدمة هذا الوطن الحبيب، ويؤكد مليكنا المفدى (سلمان الحزم) في لقاءاته الدائمة مع المسؤولين أن مرحلتنا هذه مرحلة الجد والعمل؛ وكثيراً ما يشيد بالمسؤولين من وزراء وغيرهم ممن وضعوا بصمات عملية لخدمة هذا الشعب الكريم، فخدمة هذا الشعب عنده قاعدة تدور حولها جميع الأعمال الأخرى، فالقاعدة عنده، والنجاح لديه، إسعاد المواطن، وتلبية مطالبه، والقيام بحقوقه، في أي موقع وفي أي مكان. ولذا يختار من يعمل معه ممن يحمل همّ خدمة هذا الشعب الوفي بعناية تامة، بنظرة ثاقبة، وتجربة غنية، وكم هي سعادته ظاهرة عندما ينجح مسؤول في تحقيق الطموحات، ووضع اللبنات، وإنجاز المهمات؛ التي من شأنها أن تسعد المواطن والمقيم في هذه المملكة الغالية. إن الوطن بأبنائه المخلصين، وشبابه الواعدين، بمن يحملون الطاقات الفذة، والهمم العالية، والنضج الفكري، والتطلع الإداري، والنظرة المستقبلية الواعدة، بهؤلاء جميعاً يسير وطننا مواكباً الدول المتقدمة بنهضة شاملة في كل نواحي الحياة مع الحفاظ على قيمنا وأخلاقنا الإسلامية المجيدة. ويعود يومنا الوطني المجيد والوطن مبتهجاً بعزته ومنعته وعلو مكانته العربية والدولية، فهذا الوطن الكبير أصبح رقماً صعبا في المنظومة الدولية؛ تحسب له الدول والمنظمات الدولية والإقليمية حساباتها الخاصة، في الأممالمتحدة وغيرها، وقد كان الأمر كذلك بسبب السياسة السعودية المتوازنة مع دول العالم أجمع: الشقيقة والصديقة، مع دعمها غير المحدود لقضايا العروبة والإسلام، فلا يستطيع أحد أن يزايد علينا في دعمنا لقضية فلسطين، بل تعد المملكة الدولة الأولى بلا منافس في دعم القضية الفلسطينية: مادياً ومعنوياً منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- إلى يومنا هذا، بل ويشمل الدعم كل القضايا العربية، والأقليات لإسلامية في كل مكان، ومن تلك القضايا قضية مسلمي بورما فقد تحدث المتحدث الرسمي باسم المسلمين هناك قائلاً: (ليت كل الدول الإسلامية تحذو حذو المملكة العربية السعودية في دعم قضيتنا: مادياً ومعنوياً، ودعم قضيتنا في المحافل الدولية)، هذه هي المملكة بمواقفها الحازمة، ودعمها غير المحدود، ونصرة المستضعفين في شتى بقاع الأرض نالت ثقة وإعجاب دول العالم أجمع، فأصبحت لها مكانة عليا، ومنزلة سامية في منظمة المؤتمر الإسلامي، وهيئة الأممالمتحدة، فضلاً عن بقية المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى. وفي اليوم الوطني المجيد تلتهب المشاعر، وتخفق القلوب، وتبتسم الثغور إذا تلاقت تبث حبها ووفاءها لوطن عاشوا في ثرائه الطاهر، وقيادة مخلصة تقدم الغالي والنفيس لرفعة وتقدم وازدهار هذا الوطن الحبيب، ويستذكرون حامدين وشاكرين ربهم على نعمه التي لا تحصى عندما كانوا قبل مجئ الملك عبدالعزيز -رحمه الله- مختلفين متفرقين، قد سيطر على أراضيهم: الجوع، والمرض، والخوف. ومن هنا يأتي الفرح بيومنا الوطني المجيد. حفظ الله هذا الوطن وأبقاه شامخاً عزيزاً تهفو إليه قلوب الملايين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ونصر وأيد قيادته الحكيمة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو نائبيه: الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. ودمت شامخاً عزيزاً يا وطن المكرمات.