السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تفاعلاً مع الخبر الذي نُشر مؤخراً عبر جريدة الجزيرة عن إطلاق أمانة منطقة الرياض ديوانية الرعيل الأول، وتجهيزها بما تحتاج إليه لراحة مرتاديها، فإنه يسرني التجاوب مع هذا الموقف الكريم من الأمانة كردة فعل إيجابية لهذه البشارة، ونحمد الله أن مجتمعنا لا يستطيع أن ينفك عن إنسانيته ويتنكر لماضيه وما مر به من أحداث، وكذلك ما استودعه فيه من ذكريات. كذلك فهو المجتمع الذي يقدر ويوقر كبار السن فيه، ويستلهم عبق الماضي واستمطار الذكريات بالآباء والأجداد حتى تشكلت لديه قناعة تامة كيف أن ذاك الجيل المبارك صنع المعجزات في ظل شح الإمكانيات. كما أننا نحمد الله أن الآباء والأعمام والأخوال والجيران والأقارب وكل متقدم في العمر يأخذون صدارة المجالس، ويطبق في حضرتهم أدب الاستماع إذا تحدثوا، وأدب الحوار إذا تخاطبوا، ويعيش الإنسان في حضرتهم ما شاء الله له من الوقت وهو في غاية السعادة، بل إنه يشم رائحة الجنة وهو في كنفهم، ويتقرب إلى الله بالإحسان إليهم وخفض الجناح لهم من غير والديه، فكيف بهم، ويثق بوجودهم أن الدنيا بخير، وأنها لا شك ستكون إلى خير، ويزرع الآباء هذا الخُلق في فلذات أكبادهم حتى تتواتر العلاقة الحميمية بكبار السن، ولا يصبح في يوم من الأيام لدينا مجتمع جاحد لهم أو لفضلهم وجهادهم. هذا المدخل الذي لم يتجاوز بدايات الحقيقة يقودنا إلى تسطير أجزل الشكر والعرفان لأمانة مدينة الرياض، ومن خلال رسالتها المتجددة والدائمة في المسؤولية الاجتماعية وبصمتها المميزة بإطلاق الديوانية الأولى للرعيل الأول في إحدى الحدائق بحي عليشة في وسط الرياض، وهي خطوة أدمعت العين فرحاً لهذا الموقف الإنساني الرائع من الأمانة وأمينها، ثم لردة الفعل الإيجابية للطرف الثاني والروح العالية التي سيقابل بها الرعيل الأول هذه الخطوة بعد أن سكت الكثير من مؤسسات المجتمع والقادرين من أفراده وجمعياته الخيرية والمهنية عن أن يطلقوا مثل هذا المشروع إلا بمساهمات فردية، لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولا نراها كافية إن وجدت؛ لأن مشقة الوصول إليها تتجاوز الوقت الذي قد يجلسه المسن فيها إلا من كانوا قريبين منها. ووعد الأمانة أنها ستطلق نُسخاً متكررة من هذه الديوانية في حدائق الأحياء بمدينة الرياض، واستنساخها في البلديات الفرعية في المحافظات والمراكز التابعة لها؛ لنجد في يوم من الأيام التي لن تكون بعيدة ديوانية في كل حديقة، وهو مشروع سيسجل لمعالي الأمين المهندس إبراهيم السلطان مثلما سجل مشروع أنسنة الرياض بحدائقه ومضامير مشاته وميادينه الرياضية لسمو الأمين السابق الدكتور عبدالعزيز بن عياف، والفضل له لا يزال يتواتر مثلما هو الفضل الذي سيتواتر لمعالي الأمين الحالي، وهي رسالة متألقة من الأمانة للمجتمع في الرياض كافة أن يطمئنوا على رجالات الرعيل الأول، وأنهم قد استثمروا أوقاتهم فيما يفيد، وبهم تسترجع الذكريات مع الآخرين وللآخرين في جو أسري. وطالما أن المكان سيكون نظيفاً باستمرار، وستتولى الأمانة تأمين عامل للصيانة والنظافة والاهتمام بالمكان، فإن الأهالي سيتنافسون في إثرائه وتنشيطه، وسيصبح حلقة وصل رائعة مع المجتمع ومع الأهالي؛ وبالتالي مع الأمانة. وهذه الديوانيات الخاصة بالرعيل الأول ستصبح فيما بعد نواة إيجابية مثمرة لمراكز الأحياء، وبإدارة تطوعية رجالية ونسائية، وفيها العديد من المناشط وأماكن الترفيه، وقد تجد الأمانة من القطاع الخاص من يدعم تبني هذه الفكرة بعد استعراض منافعها. علماً بأن أمانة جدة قد أقرت منح أكثر من 40 موقعاً لإقامة مراكز الأحياء داخل الأراضي المخصصة للحدائق، وكذلك الحال في مكةالمكرمة والمدينة المنورة؛ لأن هذه فكرة عراب مراكز الأحياء الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز - رحمه الله -، وقد يُستثمر جزء من الموقع ليعود بفائدة على المركز، ويضمن الاستدامة لبيئة اجتماعية ومعمارية متميزة، أو مكان تلتقي فيه الأسر المنتجة لتسويق أعمالها والعديد من الفوائد التي ستظهر بعد تقييم وتقويم هذا النموذج المثالي. ختاماً, فإننا نقرأ المستقبل بهذه البصمة الرائدة لأمانة منطقة الرياض وتأثيرها الإيجابي على المجتمع بكامله، وعلى الرعيل الأول الذي سيصبح شاباً اليوم بعد عمر طويل؛ لذا فإن دعم الفكرة وتشجيعها وشكر الأمانة عليها تتوجب على الجميع؛ لأنهم سيكونون أعضاء في تلك الديوانيات في يوم من الأيام، ولا نظن أنه يغيب عن الأمانة أن استمرار تألق المكان باستمرار رعايته وصيانته وتعهده بالاهتمام.. ويمكن أن يخصص ساعات في النهار وأخرى في المساء؛ كي يستفيد الرعيل الرائع من الديوانيات حسب أوقاتهم التي تناسبهم، مع ترك الفرصة لهم في أسلوب إدارتها، وحتى في تأمين ضيافتها؛ لأن هذا سيجعلهم يهتمون أكثر بها، ونستنبت فيهم الولاء لها والاستمرار في زيارتها والارتباط بها ارتباطاً روحياً وبدنياً حقيقياً، مثلما هم الآن في ديوانية مركز الملك سلمان الاجتماعي والفعاليات التي يديرونها بل يتنافسون في إيجاد بصمات تذكر لهم فيها، مع طرح العديد من البرامج الثقافية والمجتمعية التي تجعلهم في حيوية دائمة وتألق مستمر. فهد بن أحمد الصالح - الأمين العام للجنة أصدقاء المرضى - منطقة الرياض