ما من شك في حرص مؤسساتنا العلمية وجامعاتنا في مختلف أنحاء المملكة على دفع عجلة البحث العلمي لتصل به إلى مثيلاته في العالم العربي والإسلامي. غير أن الذي دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع وتحت هذا العنوان هو الحرص الشديد على حفظ تراث أمتنا العربية المخطوط أولاً، وثانيًا: متابعة مابدأه المرحومان: معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر، ومعالي الدكتور غازي القصيبي، رحمها الله. وذلك عندما رفعا اقتراحًا إلى مقام المغفور له / خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله- بأن يتفضل جلالته برعاية التراث العربي المخطوط وخدمته، فما كان من جلالته إلا أن بادر ووجه إلى وزارة الثقافة والإعلام لدراسة فكرة إنشاء مركز يقوم بجمع المخطوطات العربية وفهرستها وتحقيق عدد منها كل عام، وخصص رحمه الله دعمًا ماليًّا مبلغه ثلاثون مليون ريالٍ سنويًّا، لمدة خمس سنوات. وقد بادرت وزارة الثقافة آنذاك بتشكيل لجنة مكونة من ممثلين للجهات ذات الاختصاص على مستوى المملكة لمناقشة هذا الموضوع وكنت –بحكم خبرتي المتواضعة في تحقيق المخطوطات ونشرها- أحد أعضاء هذا التشكيل. وقد عقدت هذه اللجنة عدة اجتماعات وتوصلت في النهاية إلى إعداد تصور كامل لهذا المركز وآلية عمله ورفعته لمعالي الوزير، وقد قام برفعه إلى مقام خادم الحرمين الشريفين شاكرًا إياه ومقدّرًا له هذه المبادرة الطموحة لحماية تراثنا العربي الخالد ورعايته ونشره، وأبدى معاليه جاهزية الوزارة لتنفيذ المشروع وإنشاء المركز، بل تبنى اقتراح اللجنة في أن يتكرم المقام الكريم بصرف المبلغ للسنوات الخمس مرة واحدة، بحيث يُشترى به مبنًى يُؤجر ويُصرف ريعه على المركز ويبقى المبنى وقفًا دائمًا للأجيال القادمة لتستمر في مسيرة خدمة التراث. والأمل معقود - بعد الله- في شخص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- في التفضل برعاية هذا المشروع العلمي الرائد ودعمه لكي يرى النور في القريب العاجل إن شاء الله. والله من وراء القصد.