اطلعت في العدد 15646 جريدة «الجزيرة» رسم كاريكاتير يعبر عن التبذير في الطعام فقد كثر التبذير في إعداد الولائم وهو مشاهد من الجميع وفي مختلف المناسبات وللأسف أصبح التبذير والإسراف عند البعض عادة وليس بها أي من الاستغراب!! ولو قيل لمن قد قام بإعداد تلك الولائم إنك مسرف ومبذر فإنه سيتجاهل ولا يلقي بالاً لتلك الملاحظات بل ويعتبرها من التفاخر بالكرم, أو إنه يخشى أن لا يرضى عنه الناس أو يلحقه منهم ملامة أو انتقاص ونسي أن الله تعالى هو الذي نهى عن التبذير والإسراف أيضاً قال تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (27) سورة الإسراء، والملاحظ أن تلك العادات السيئة مازالت مستمرة ومتواصلة للذين يقيمون تلك المناسبات!! فهناك من الأسر من يتمنى اللقمة ولا يجدها بينما نرى بقايا الأكل في الأعراس والحفلات ترمى في القمامة, وعندما تتحدث مع صاحب الوليمة الكبيرة وتقوم بنصحه عن هذا التبذير فإن جوابه: «أنه يعرف أن ذلك محرم ومن الأخطاء وإنه لا يريد أن يكون أقل من غيره!! والرد أقبح من الفعل. ولأهمية الموضوع أقدم اقتراحاً لوزارة البلدية والقروية لكي تتبناه وتقوم بتوجيهه للأمانات والبلديات في المناطق والمحافظات بأن تلزم أصحاب قاعات الأفراح والفنادق والمطاعم والاستراحات، بأن يكون هناك ثلاجات كبيرة خاصة للأطعمة وأن يكون اتفاق مسبق مع الجمعيات الخيرية وإبلاغ أصحاب المناسبات أيضاً بذلك بإعطائهم فائض الأطعمة مع الحث على الاقتصاد في كمية الطعام الذي سيقدم للمدعويين وعدم رمي بقاياه في الحاويات وأن تضع البلديات فرض عقوبات مقابل ذلك، وأن تعمل على تكثيف التوعية في المجتمع ووضع لوحات إرشادية عند قاعات الأفراح والفنادق والمطاعم... تبيّن أهمية حفظ النعمة وعدم الإسراف والتبذير والتذكير بما جاء في القرآن الكريم وهدي النبي صلى الله عليه وسلم من إنذار وتحذير عن التبذير والإسراف وماهي عواقبها في الدنيا والآخرة وأن النِعم سريعة الزوال، والعصيان سبب للحرمان, قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه) رواه أحمد، فيا ليت الذين يتباهون بما يقومون به أن يعملوا مقارنة مع حال كثير من شعوب الأرض التي فقدت النِعم الحسية والمعنوية، ليشكروا الله تعالى على الأمن والإيمان، والخير والإحسان، ويدركوا أن النِعم إذا فرّت يعسر ردها إلا أن يشء الله كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب» رضي الله عنه»: (احذروا نفار النعم فما كل شارد بمردود). فليس الحمد والشكر باللفظ إنما بالعمل الذي يرضي ربنا سبحانه وتعالى، وهناك جهود كبيرة تقوم بها الجمعيات الخيرية في جميع مناطق المملكة لحفظ النعمة وكذلك من القطاع الخاص تقوم شركة التصنيع الوطنية بدعم جمعيات حفظ النعمة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة بالإضافة لمتطوعين يستقبلون مكالمات من أصحاب الولائم والحفلات والتنسيق معهم لجمع بقايا الطعام لكي يتم توزيعها على المحتاجين, ولكن تلك الجهود لا تغطي جميع المناطق والمحافظات ووزارة البلدية والقروية ممثلة في الأمانات والبلديات تستطيع تغطيتها مع تظافر الجهود علماً بأن العقوبات التي سوف تصدرها وزارة البلدية والقروية سيكون لها أكبر الأثر على هؤلاء الذين تعوّدوا على المفاخرة في التبذير والإسراف ومع الوقت سوف يحاسبوا أنفسهم عندما يُنظر إليهم أمام أعين الناس أنهم من المبذرين الذين طُبقت عليهم العقوبات التي أصدرتها الوزارة فالكل سيحذر وسيكون لدى الناس ثقافة وقناعة في حفظ النعمة. نتمنى من مقام وزارة البلدية والقروية أن تقوم باستصدار لوائح وتعليمات صارمة طاعة لله واتباع لهدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم واستجابة لولاة الأمر نسأل الله لكم التوفيق والسداد.