لا يختلف اثنان في أن الولائم باختلاف مسمياتها ومناسباتها تدل على الكرم وحسن الضيافة، والوليمة مأخوذة من الولم، وهو تمام الشيء واجتماعه على كل طعام لسرور وخلافه، ولكن هناك مقاييس يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار لكي لا تصبح هذه الولائم إثماً وذنباً، يقول الله تعالى «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا»، و«ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا»، لذا يجب الحذر من الإسراف في الولائم، خصوصاً ولائم الأفراح والمناسبات الكبيرة، وكذلك عدم التبذير والإسراف في الطعام في شهر رمضان المبارك وإلقاء الفائض من الطعام في صناديق القمامة، علماً بأننا لو تصدقنا بها أو بثمنها على الفقراء والمحتاجين لنلنا الثواب والأجر من الله، فالاسلام دين العدل والتوسط، وما نشاهده الآن من الخروج على المألوف والإسراف والبذخ والتباهي في هذه الولائم وتقليد الآخرين، وما نراه من التوسع في الإسراف أمر غير محمود وتكلف لا ترتضيه الشريعة الإسلامية، وحري بالمسلمين ان يتدبروا هدى الحبيب محمد «صلى الله عليه وسلم» في قوله «أولم ولو بشاه». من هذا المنطلق نرى ان للولائم شروطاً ومقاييس في ديننا يجب ألا نتخطاها فتكون داءً فتاكاً يهدم الأمم والمجتمعات، ففيه تبديد للثروة الحيوانية والأموال، ومن سلبيات الإسراف احاطة الذنب بالمسرف وتوخي العقوبة والمبليات العاجلة والآجلة، والترف الذي ذمه الله تعالى وتوعد أهله في كتابه، إذ قال تعالى: «وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال، في سموم وحميم، وظل من يحموم، لا بارد ولا كريم، انهم كانوا قبل ذلك مترفين»، فإياكم يا عباد الله ان تكونوا من المترفين، إن الكثير من أسباب الإسراف في مثل هذه الولائم سبب من أسباب الكبر والمخيلة... قال صلى الله عليه وسلم «كلوا واشربوا وتصدقوا من غير سرف ولا مخيلة»، ولندرك أننا مسؤولون عن كل هذه النعم وأين تذهب ولمن تعطى؟... كان «صلى الله عليه وسلم» وصاحبه أبوبكر رضي الله عنه على إحدى الولائم عند أحد من أصحابه وقد ذبح عناقاً صغيرة ولما قام عليه الصلاة والسلام وأبوبكر لايزال على المائدة قال له الحبيب يا أبابكر والله إنا لمسؤولون عن هذه النعم، نعم إنا لمسؤولون عن بقايا الأكل الذي تستقبله أكياس النفايات صباح مساء، وهنالك من يحتاج إلى اليسر اليسير من هذه الولائم... هناك الأيتام والأرامل والفقراء والمحتاجون أحوج ما يكونون لمثل هذه الولائم وتوصيل لهم ولو جزء من الكميات الكبيرة المهدرة في أكياس النفايات، لنجعل تلك الفئة تحس بالتكافل الاجتماعي ولنكون من الشاكرين بأنعم الله، لتكون هذه النعم حصناً وخيراً لنا من ان تكون شراً وبلاءً علينا، نسأل الله السلامة. قال المغيرة: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله كره لكم ثلاثاً... قيل وقال... وإضاعة المال... وكثرة السؤال» رواه البخاري، فإضاعة المال والتصرف فيه بإسراف من غير حق مصيره العذاب والنار، قال صلى الله عليه وسلم «إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة»، فلنتقِ الله في أنفسنا وفي أموالنا وثرواتنا ليبارك الله لنا فيها، ولا نجعلها حطباً من حطب جهنم، ونقمة قد تعم وتخص، ولنجعل من أموالنا منبعاً للصدقات والعطاء ودرعاً لنا من الفقر والحاجة. [email protected]