عند التأمل في تراثنا الديني العظيم، وتاريخنا الإسلامي المشرق نجد أن الصباح يحظى بنصيب كبير من الحضور والثناء والاهتمام، فرسولنا الكريم كان يقول بورك لأمتي في بكورها، وعلماء الأمة المتقدمين كانت دروسهم العلمية واستزادتهم في العلم والمعرفة كانت مع لحظات الشروق ومعانقة أشعة الشمس لأعينهم، وكذا ارتبط طلب الرزق والسعي في مناكب الأرض بساعات الصباح الأولى. وفي تاريخنا المحلي لو وجدنا سيرة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل رحمه الله لوجدناه يسابق الشمس صباحا للعمل في شؤون دولته الفتية، بل إن أبرز أحداث تأسيس هذا الوطن واسترداد الرياض، ودخوله المصمك كان في ساعات الصباح الأولى في شهر شوال من العام (1319 ه). أتذكر هذه المعطيات التاريخية والتراثية فأبكي الصباح الذي قصرنا معه كثيرا، وأخاطب نفسي وأقول: لحظات الصباح الأولى بعد الاستيقاظ من أحب اللحظات لقلبي، لأن قلبي حينها يذكرني جيداً من هي أنا،، وماهي اهتماماتي أول ما تفتح عيناك وتهمس بك أصبحنا يارب،، تتزاحم رغماً عنك أمنيات واهتمامات تود إنجازها في يومك،، وقتها ذهنك صاف لا يجول فيه إلا مايسكن قلبك! تغمض عينيك جيداً ثم تفتحها لتبدأ بومك الجديد متفائلا،، مبتسماً متوكلاًً،، متيقناً أن من توكل على الله كفاه للحظات الصباح الأولى تأثيراً كبيراً بالنفس،، تلح عليك وتأبى إلا أن تكون عظيماً،، مُنجزاً،، تمدك خيوط شمسها بالأمل،، فتلك اللحظات صديقة المنجزين،، رفيقة الآملين،، طموح الطامحين،، فلو نعود بذاكرتنا للخلف قليلاً لوجدنا فيها همم الفاتحين،، ليتنا نعود إلى الصباح ونتصالح معه ونعيد العلاقة معه كما كان أسلافنا ينظرون إليه بالاحترام والتقدير والمنافسة والعمل.