عزة النفس تمتاز في الأذهان عن الكبرياء امتياز الصبح من الدجى؛ إذ العزة ارتفاع النفس عن مواضع المهانة، والكبرياء استنكاف النفس أن تأتي صالحاً؛ بِتَخَيُّلِ أن ذلك العمل لا يليق بمنزلتها، أو تعظُّمها عن أن تجامل ذا نفس زكية؛ بزعم أَنه غيرُ كفءٍ لها. ويقابل العزة الضعة، وهي إن انحدار النفس في هُوَّة المهانة، ويقابل الكبرياء التواضع، وهو إذعانها للحق ونظرها إلى ذي النفس الزاكية أو المستعدة لأن تكون زاكية نظر احترام أو عطف وإشفاق. والفرق بين حقائق هذه الأخلاق سهل المأخذ، ولا يكاد يخفى أمره على عامة الناس فضلاً عن خواصهم، ولكن أحوالاً تعرض للرجل؛ فيخفي فيها الوجه الذي يدعو إلى مظهر الرفعة، فيُعد مستكبراً، أو يخفي فيها الوجه الذي يدعو إلى التواضع، فيعد صاغراً.