تفرض الدول المستوردة للنفط ضرائب قيمتها أكثر من قيمة شراء النفط، أي أنهم يستفيدون من النفط أكثر من الدول التي تنتجه وتصّدره. والسؤال: لماذا تفرض تلك الدول ضرائب عالية على وقود السيارات؟ هل هو عقاب لمن يسكن بعيد عن عمله أو عقاب لمن يحتاج استخدام المواصلات لقضاء حاجيات منزله؟ الجواب هو أن تلك الدول استثمرت في بنى تحتية للمواصلات (حافلات، قطارات، مطارات وطائرات) وتريد من المواطنين أن يستخدموا تلك المواصلات بدلاً من استخدام سياراتهم الخاصة حفاظًا على الموارد والبيئة. استثمرت تلك الدول على البنية التحتية ووفرت وسائل المواصلات المثلى وبنت الطرقات السريعة وهيأتها لتسهيل التنقل بأفضل الطرق الاقتصادية والبيئية، ومن ثم فرضت الضرائب على الأشخاص الذين يستخدمون سياراتهم بدل تلك الوسائل حيث إن أسوأ استخدام للمواصلات هي الشاحنات الفردية والسيارات الصغيرة. بلغ المعدل السنوي خلال خمس سنوات (من 2009 وحتى 2013) لعوائد صادرات النفط الخام لدول الأوبك 966 مليار دولار أمريكي سنويًا، بينما بلغ المعدل السنوي للضرائب النفطية في دول «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» OECD لنفس الفترة 1082 مليار دولار أمريكي سنويًا. أي أن دول الأوبك كانت تصّدر برميل النفط الخام بمتوسط سعر 95 دولارًا للبرميل، بينما تحّصل دول OECD ضرائب بمتوسط 116 دولارًا للبرميل في نفس الفترة. كانت تكلفة البرميل عام 2013 أكثر من 100 دولار قليلاً وحوالي 30 إلى 40 دولارًا تكلفة تجهيزه وبيعه، ثم يضاف عليه ضرائب في تلك الدول يدفعها المستهلك مقابل استهلاك الوقود في ظل وجود بنى تحتية كان المفترض أن تعوض عن استخدام السيارات للأشخاص الأفراد. تشكل هذه الضراب مبالغ هائلة، فالمملكة المتحدة تفرض ضرائب على البرميل النفطي بمقدار 193 دولارًا أمريكيًا، وإيطاليا ب 194 دولارًا، وألمانيا ب 153 دولارًا، وفرنسا ب 141 دولارًا واليابان ب 72 دولارًا. هذه الضرائب تمثل مبالغ مهولة كدخل ضريبي لتلك الدول، فالمردود جيد للاستثمارات على البنى التحتية. هذه الدول المستوردة للنفط تستفيد أيضًا من ارتفاع أسعار النفط، فكلما ارتفع سعر النفط، زاد دخلهم من الضرائب، ولكن في نفس الوقت يريدون الحفاظ على التوازن بين دخل الضرائب والخوف من عزوف المستهلك النهائي عن شراء الوقود. تبقى الدول المستوردة - وهي الأكثر تقدمًا وتطورًا - الأكثر استفادة من النفط المباع في بلادها، واستفادت من استثمارات ضرائب النفط في تطوير البنى التحتية لبلدانها، أما الدول المصّدرة للنفط، فهي مازالت تعتمد على النفط كدخل رئيس ولم تستفد من عوائد النفط في تطوير البنى التحتية لبلادها ولم تنجح في تنويع مصادر الدخل، وتبقى العلاقات السياسية والجيوسياسية والمخاوف من نقص إمدادات النفط من أهم العوامل المؤثرة على اقتصاديات تلك الدول المستوردة. التطور الأخير لتكنولوجيا الحفر والإنتاج لآبار النفط ساهم في خفض أسعار النفط لوفرة المعروض النفطي، وهذا يعطي تلك الدول فترة لا تقل عن خمس سنوات لكي تطور التكنولوجيا أكثر ولكي يتطور العمل على البدائل عن النفط كالطاقة الشمسية والطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية والهجينة ثنائية الوقود.