ما أجمل الصبر وقد تحلى بالإيمان والرضى بما كتبه الله على عبده قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}. قبل أيام تلقت أم صابرة محتسبة عند الله ابنها الشاب عبدالخالق هويمل المدمي العطوي الذي توفي إثر حادث مروري في تبوك بعد تخرجه وتعيينه في حرس الحدود، لكن المنية وافته لتتلقى هذه الأم الصابرة (أم سلمان) خبر وفاة ابنها وهي قبل ثلاثة أعوام فقدت ابنها الأكبر سلمان الذي توفي في حادث هو وزوجته وابنه وبناته -رحمهم الله جميعاً-، هذا الابن الذي تربطني به عشرة عمر منذ الطفولة ونحن كإخوة لا نتفارق وكانت والدته هذه الأم الصابرة بمثابة والدتي وكانت صابرة في تلك المصيبة في هذا الابن البار الذي عرف عنه الاستقامة والتقى وطاعة والدته وقبلها وفاة ابنها الشاب عبدالله 17 عاماً بسبب المرض، وهذا بعد وفاة زوجها حيث تلقت هذه المصائب محتسبة صابرة كيف لا وهي ورغم كبر سنها لا تفارق كتاب الله وحفظه، هذه الأم التي كل من زارها للتعزية في وفاة أبنائها يجدها صابرة قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}. وقال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون}. نعم هذا هو حال المؤمن الصابر المحتسب الذي يفوّض أمره لله فيما أصابه، قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}. أسأل الله العلي القدير أن يجزي أم سلمان التي هي في مقام والدتي خير الجزاء على صبرها واحتسابها في فقد أبنائها سلمان وأسرته وعبدالله وعبدالخالق، وأن يعوضها بالجنة ويربط على قلبها ويحفظها بحفظه، وأن يرحم أبناءها وزوجها وجميع أموات المسلمين.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.