دأب وسطنا الرياضي على التميز عن جميع الأوساط المشابهة له في مختلف بلدان العالم، شأنه شأن العديد من القضايا المجتمعية التي تمتلك خصوصية لا تشابه غيرها. وكما هو معلوم، ليس كل تميزٍ محمود، وليس كل مختلفٍ جميل. ومن جمالية تلك الخصوصية الموغلة في التميز، أن قانونها الأسمى يتلخص في: (الصوت الأعلى قادر على ما لا يستطيع العمل الحقيقي إنجازه). فليس من المهم أن تؤدي جيداً لتكسب، وليس من المهم أن تكون الأفضل لتنجح، كل ما عليك هو الاتهام والتهديد والتلميح بكشف فضائح لا تنوي استعمالها إلا متى دعت (النتائج) لذلك. من خصوصيتنا أن يقيّم رئيس النادي مستوى فريقه ومستوى المنافس وأداء التحكيم وعمل اللجان وعمل الاتحاد، فيصفق له محبو ناديه. من خصوصيتنا أن تتجاوز عن بعض الأخطاء والمخالفات، وتلقي بأمانتك جانباً لتسلم من أصحاب الصوت العالي. من خصوصيتنا أن يصل بك تعصبك المقيت لوصف من يخالفونك الميول فقط ويوافقونك في الدين والوطن والتربية والأخلاق بأنهم خائنون للوطن ومساندون لأعدائه، ثم تجد القنوات التلفزيونية تتسابق على استضافتك. من خصوصيتنا أنك عندما ترى خطأً ما قد وقع على فريق ما، فعليك الرجوع للأرشيف الأخطاء لتفنيدها بدلاً من إنكارها، لترفع رأسك وبكل صفاقة لتقول: (ننادي بظلم الجميع، لنسلم). من خصوصيتنا أن البذاءة في الطرح دفاع، ونشر العداء بين الجماهير تكتيك، وتلفيق الأكاذيب مناورة، والترهيب والوعيد هو أجدى طرائق الحصول على ما تتمنى حتى وإن لم تكن كفؤاً لذلك. جميلٌ جداً أن لا تشابه غيرك، وجميلٌ جداً أن تلفت الأنظار وتبرز عن من سواك، ولكن ليس بالنقائص. نتمنى أن نستنسخ تجربة مميزة، نظيفة، لائقة بمجتمع راقٍ، بدلاً من تميزٍ مسخ، وخصوصية منفرة. كان البعض يحذّر دوماً من اللعب خارج المستطيل الأخضر أكثر من داخله، وللأسف، حتى اللعب داخل الملعب لم يعد مطلوباً لتفوز أو تكسب، ولنا في ضربة الجزاء التاريخية التي حسبت ولم يوجد وقتها أي لاعب من الفريقين بداخل منطقة الجزاء خير دليل. لا ألوم من يحاول ترهيب الكل وأخذ ما ليس له (هذا إن تجاوزنا أعراف الفروسية في الرياضة)، بل اللوم وكل اللوم على من يخنع ويخضع لسلاح اللسان وهو يحمل في يديه سلاح القانون والنظام. إنها خصوصية جديدة، نتمنى أن تختفي برحيل مخترعيها، ألا وهي (خصوصية القاضي المشجع). أزالها الله عن وسطنا الرياضي عاجلاً غير آجل. خاتمة... - (الأعور الشني)